Reutersتشعر مصر بالقلق من الدور التركي في ليبيا
أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو يوم الاثنين الماضي أن على قوات “الجيش الوطني الليبي” للجنرال خليفة حفتر الانسحاب من مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية قبل إبرام أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحكومة الليبية المعترف بها دوليا والجنرال حفتر.
وأشار الوزير التركي إلى أن قوات الحكومة الليبيىة تستعد للبدء بعملية عسكرية للسيطرة على مدينة سرت و القاعدة الجوية ما لم تنسحب قوات “الجيش الوطني الليبي”.
واكد الوزير التركي أن تركيا ستقدم الدعم العسكري للحكومة الليبية في المعركة المرتقبة.
وجاء الموقف التركي والتهديد بالعمل العسكرية بعد نحو ثلاثة أسابيع من تصريح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن منطقة سرت والجفرة خط احمر بالنسبة لبلاده.
برلمان طبرق يجيز لمصر التدخل العسكري في ليبيا
ولوح السيسي في 23 يونيو/ حزيران الماضي بالتدخل العسكري المباشر في ليبيا إذا “واصلت القوات الموالية لحكومة الوفاق المدعومة من تركيا التقدم نحو سرت والجفرة.
فما أهمية قاعدة الجفرة الجوية ولماذا تصر تركيا على الاستيلاء عليها ولماذا تعتبرها مصر خطاً أحمر ولن تسمح بسيطرة حكومة السراج عليها.
بوابة هلال النفطي
يرى المحللون أن خط سرت والجفرة يمثل بوابة السيطرة على منطقة الهلال النفطي الذي يضم حقول النفط ومرافىء تصديره.
والهلال النفطي هو حوض نفطي يقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط ويمتد على طول 205 كلم من طبرق شرقا إلى السدرة غربا، ويعتبر أغنى مناطق البلاد بالنفط.
النفط الليبي: لماذا تدفع حكومة طرابلس رواتب أفراد الجيش الذي يحاصرها؟
سيطرت عليه بالكامل قوات خليفة حفتر في سبتمبر/أيلول 2016.
وتحتوي المنطقة الواقعة بين مدينتي سرت وبنغازي على نسبة 80% من احتياطي ليبيا من النفط والغاز المقدر حجمه بأكثر من 45 مليار برميل نفط، و52 تريليون قدم مكعب من الغاز.
ومن أكبر حقول النفط فيها السرير ومسلة والنافورة التي تنتج مجتمعة نحو 60% من إنتاج البلاد النفطي، كما تقع فيها أكبر مجمعات تكريره وموانئ تصديره إلى العالم.
أما قاعدة الجفرة الجوية فهي من أكبر القواعد الجوية في البلاد وتقع على بعد 300 كم جنوب سرت.
وتتميز القاعدة ببنيتها التحتية القوية التي تم تحديثها مؤخراً وبإمكانها استقبال أحدث الطائرات المقاتلة.
AFPتركيا اوقفت زحف قوات حفتر على طرابلس
ولا يفصلها عن مدينة سرت سوى طريق مفتوح لا يتجاوز 300 كيلو متر. كما تضم القاعدة غرفة عمليات رئيسة لقوات الجيش الوطني الليبي.
قوات خليفة حفتر “تسيطر” على مدينة سرت الاستراتيجية
ويعود تاريخ القاعدة إلى أواخر ستينيات القرن الماضي وكانت في أوائل الثمانينيات تضم طائرات مقاتلة حديثة وقتها من بينها طائرات ميغ 25 وقاذفات توبوليف 22 إضافة إلى طائرات نقل عسكرية من طراز جي 222 الايطالية الصنع وطائرات نقل عسكرية روسية المنشأ من طراز انطونوف 26.
تعرضت القاعدة للقصف الجوي من قبل القوات الفرنسية عام 2011 في اطار بموجب قرار مجلس الأمن وبعدها بشهرين تعرضت القاعدة لغارات جوية مجدداً.
مبادرة مصرية لحل الأزمة الليبية بعد هزائم حفتر المتوالية
وتضم القاعدة عددا كبيراً من عنابر الطائرات والهنكارات إضافة الى مدرج بطول 4 كليو متر وبعرض ستين متراً من الاسمنت المسلح.
ولا تزال بعض الطائرات التي تعود لحقبة القذافي متروكة في مرابضها مثل القاذفة تو-22.
وسيطرت قوات حفتر على الجفرة عام 2017 دون قتال يذكر وشرعت في تحديث القاعدة العسكرية الاستراتيجية واقام فيها غرفة عمليات متقدمة لادارة العلميات العسكرية باتجاه العاصمة طرابلس قبل أن تنكفأ قواته عنها قبل اشهر قليلة.
Getty Imagesالهلال النفطي يضم معظم ثروة ليبيا النفطية
وتتحدث العديد من التقارير عن تمركز مئات عناصر شركة فاغنر الامنية الروسية في القاعدة كما تستخدمها الطائرات الروسية منذ العام الماضي.
فرنسا: تركيا تمارس لعبة خطرة في ليبيا لن نتسامح معها
وعززت موسكو وجودها في القاعدة خلال العام الحالي. ففي أواسط مايو/ أيار الماضي اتهمت الولايات المتحدة روسيا بنشر مقاتلات متطورة في ليبيا. كما قامت روسيا بتعزيز حماية القاعدة عن طريق نشر منظومات دفاع جوي ومدافع مضادة للطائرات.
كما تم تحديث عنابر الطائرات مؤخراً استعداداً لاستقبال المقاتلات الحديثة حيث وصلت 14 طائرة مقاتلة من طراز ميغ 29 إضافة الى عدد من قاذفات سوخوي 24.
ولعبت القاعدة دور مركز التموين والامداد للقوات المتقدمة، حيث استقر فيها المئات من عناصر شركة فاغنر بعد انسحابهم من قاعدة الوطية قبل اسابيع قليلة.
وقالت قيادة القوات الامريكية في أفريقيا أفريكوم إن روسيا نقلت عدداً من المقاتلات من سوريا إلى ليبيا وعدد منها يتمركز في الجفرة وان مهمة هذه المقاتلات تقديم الدعم الجوي المباشر لعناصر فاغنر حيث ذكرت تقارير أن مقاتلات ميغ 29 شوهدت في أجواء مدينة سرت مؤخراً.
وكانت قوات حكومة طرابلس تزحف باتجاه مدينة سرت قبل أن تتدخل مقاتلات قوات حفتر لتوقف تقدم هذه القوات.
لا شك أن وجود القاعدة قرب الهلال النفطي الليبي يعطي من يسيطر عليها القدرة على حماية منشآت انتاج وتصدير النفط التي تقع شرقي مدينة سرت حيت توجد المرافىء النفطية رأس لانوف وسيدرا ومرسى البريقة وزويتينا إضافة إلى 11 أنبوبا لنقل النفط و3 أنابيب لنقل الغاز.
ومن يسيطر على الثروة النفطية، ثروة البلاد الاساسية، يكون في موقف القوة في أي تسوية سياسية مستقبلية للأزمة الليبية.
وقد يكون مفتاح السيطرة على الهلال النفطي هو قاعدة الجفرة. واذا سيطرت قوات حكومة السراج على الهلال النفطي بمساعدة تركيا، سيضعف ذلك بشدة موقف الجنرال حفتر وحلفائه، وترسخ تركيا مواقعها ونفوذها وسيكون لها وجود طويل الأمد ليبيا، مما يعزز موقف القوى الاسلامية التي تدور في فلكها.