قالت إيران إن منشأة نطنز النووية تعرضت إلى “عمل إرهابي نووي”، وتوعد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف برد انتقامي على الهجوم استهدف المنشأة، موجها أصابع الاتهام إلى إسرائيل.
وكان مسؤولون إيرانيون قد أعلنوا أن المنشأة تعرضت الأحد إلى خلل أصاب شبكة الطاقة الكهربائية فيها.
ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن الحادث بشكل رسمي لكن وسائل إعلام إسرائيلية أشارت إلى أن الحادث هو نتاج هجوم إلكتروني “سيبراني” إسرائيلي.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد دشن السبت الماضي أجهزة طرد مركزي جديدة في المنشأة، التي تعد المنشأة الرئيسية لبرنامج تخصيب اليورانيوم في البلاد، وذلك في حفل بث على الهواء مباشرة على التلفزيون الرسمي.
وتعد أجهزة الطرد المركزي ضرورية لإنتاج اليورانيوم المخصب، الذي يمكن استخدامه في تصنيع وقود المفاعلات النووية.
وسبق لهذه المنشأة أن تعرضت إلى عدد من الحوادث والهجمات؛ من بينها حريق اندلع العام الماضي في المنشأة، وادعت السلطات الإيرانية حينها أنه نجم عن عملية تخريب “سيبرانية” أيضا.
وفي عام 2010 تعرضت المنشأة إلى جانب منشآت نووية إيرانية أخرى إلى هجمات إلكترونية “سبرانية”.
وقد أدخل في هذه الهجمات برنامج فيروسي مُعقد يحمل الاسم المشفر “ستوكسنت” إلى أجهزة الكمبيوتر التي تتحكم في أجهزة الطرد المركزي الإيرانية لتخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز ما تسبب في إحداث فوضى والتسبب في خروج أجهزة الطرد المركزي عن نطاق السيطرة.
فما هي منشأة نطنز النووية وما دورها في البرنامج النووي الإيراني ولماذا تتعرض لحوادث أو يتم استهدافها باستمرار بهجمات إلكترونية “سيبرانية”؟
مركز تخصيب اليورانيوم
تمتلك إيران عددا من المنشآت والمواقع النووية الداخلة في تنفيذ برنامجها النووي الطموح، من أمثال: مفاعل أراك لإنتاج الماء الثقيل ومحطة بوشهر النووية ومنجم غاشين لليورانيوم ومحطة أصفهان لمعالجة اليورانيوم ومنشاة فوردو لتخصيب اليورانيوم في محافظة قم وموقع بارشين العسكري ومنشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم.
وتعد محطة نطنز لتخصيب الوقود أكبر منشأة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم في إيران. وتقع في مقاطعة نطنز في محافظة اصفهان الإيرانية. وتعمل المحطة في تخصيب اليورانيوم منذ فبراير/شباط 2007.
وتتكون المنشأة من ثلاثة مبانٍ كبيرة تحت الأرض، قادرة على تشغيل ما يصل إلى 50 ألف جهاز طرد مركزي. ويتم ضخ غاز سداسي فلوريد اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي، التي تفصل معظم النظائر الانشطارية لليورانيوم 235.
وأكد تحليل العينات البيئية المأخوذة من المحطة وغيرها من التجارب التي أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 أن المنشأة كانت تستخدم لإنتاج اليورانيوم المنخفض التخصيب.
- البرنامج النووي الإيراني: لماذا لا تزال منشآته عرضة للهجوم؟
- من يقف وراء “الهجمات” الغامضة على مواقع حيوية إيرانية؟
- المواقع النووية الرئيسية في إيران
وتعد هذه المنشأة واحدة من عدة منشآت نووية تراقبها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لضمان امتثال إيران لاتفاق عام 2015، الذي يعرف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”.
وكانت إيران وافقت بموجب هذا الاتفاق النووي مع القوى الدولية الكبرى على تركيب ما لا يزيد عن 5060 من أجهزة الطرد المركزي الأقدم والأقل كفاءة في منشأة نطنز حتى عام 2026، وعدم إجراء أي تخصيب في منشأة “فوردو” الموجودة تحت الأرض حتى عام 2031.
وقد مُنحت إيران إعفاءً من العقوبات الدولية مقابل هذه التنازلات بشأن برنامجها النووي في هذا الاتفاق.
ويقضي الاتفاق أن تنتج إيران فقط يورانيوم منخفض التخصيب، تتراوح نسبة تخصيبه بين 3 و4 في المئة من اليورانيوم 235، وهو الذي يمكن استخدامه في إنتاج وقود لمحطات الطاقة النووية. ويتطلب اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة تخصيبا بنسبة 90 في المئة أو أكثر.
لكن في العام الماضي، بدأت إيران في التراجع عن التزاماتها، وذلك بعد أن تخلى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن الاتفاق النووي، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية خانقة عليها.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، قالت إيران إنها ضاعفت عدد أجهزة الطرد المركزي المتطورة، التي يتم تشغيلها في نطنز، وبدأت في حقن غاز سادس فلوريد اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي في محطة فوردو.
وترى القوى الغربية الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران في مثل هذه الخطوة مخالفة لالتزامات طهران الواردة في الاتفاق، الذي يسمح لإيران فقط بإنتاج وتخزين كميات محدودة من اليورانيوم المخصب لاستخدامها في إنتاج وقود لمحطات توليد الطاقة النووية لأغراض مدنية.
وقد سعت إيران إلى تحصين هذه المنشأة كما منشأتها النووية الأخرى، ببناء أجزائها الحيوية تحت تحصينات شديدة تحت الأرض، بيد أن مارك فيتزباتريك، العضو المشارك في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) والخبير في شؤون الحد من التسلح يقول “إن منشآت إيران ليست منيعة. فتلك التي في نطنز، معرضة لقصف بالقنابل التي تخترق الملاجئ. وربما تكون هناك ضربتان محددتان: إحداهما لحفر حفرة والأخرى لتنفجر خلالها أو على الأقل لزعزعة الآلات الدقيقة الحساسة بما يكفي لإخراجها من الخدمة”
حرب غير معلنة
ويقول مراسل الشؤون الأمنية في بي بي سي فرانك غاردنر معلقا على الحادث الأخير في منشأة نطنز: “إن الضرر الذي طال البرنامج النووي الإيراني وتوعدت إيران بإجراء انتقامي ردا عليه يأتي في أعقاب سلسلة من الأفعال المتبادلة (بين إسرائيل وإيران) في الشرق الأوسط.
ويضيف “كانت هناك انفجارات غامضة طالت هياكل السفن، تبادل البلدان توجيه الاتهامات بالمسؤولية عنها. ولكن الحدث الأكثر أهمية كان اغتيال محسن فخري زادة في وضح النهار قرب طهران في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو الرجل الذي يُشك في أنه يقف وراء البرنامج النووي الإيراني”.
ويكمل “وقد شنت القوة الجوية الإسرائيلية أيضا هجمات جوية كثيرة ضد قواعد الصواريخ في سوريا ومواقع أخرى يقدم فيها مستشارون إيرانيون المساعدة لوحدات من الجماعة المسلحة الشيعية، حزب الله”.
ويخلص إلى القول :ترى إسرائيل أن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديدا محتملا لوجودها وتسعى إلى تعطيله أو إيقافه نهائيا. ولاترى أي منفعة في الجهود الحالية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران الذي تعتقد أنه غير فعال. ومن المرجح أن يعزز الهجوم على نطنز قبضة المتشددين الإيرانيين ويعقّد أي مفاوضات مستقبلية محتملة”.
هذا الخبر منشأة نطنز النووية الإيرانية: ما هي وما سر الحوادث المتكررة فيها؟ ظهر أولاً في Cedar News.