تبدأ خمسة أحزاب على الأقل في تونس إجراءات لسحب الثقة من رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي، في خطوة تمثل إحراجا شديدا للحزب وقد تقود إلى أزمة سياسية في البلاد.
وقال المتحدث باسم حزب التيار الديمقراطي محمد عمار الأحد إن أربع كتل برلمانية اتفقت على بدء إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان بسبب تجاوزات عديدة في الإدارة، وقرارات أحادية بخصوص تركيبة لجان برلمانية.
ورفض الغنوشي مرارا الاتهامات التي وجهت إليه، وقال إنه من الأجدر الاهتمام بمعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة للتونسيين بدل هذه الصراعات.
وتمثل هذه الكتل أحزاب “تحيا تونس”، و”التيار الديمقراطي”، و”حركة الشعب”، وهي أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم، إضافة إلى كتلة “الإصلاح الوطني”.
ويقود الحزب الدستوري الحر ورئيسته عبير موسي، وهي من أنصار الرئيس السابق زين العابدين بن علي، منذ أسابيع جهودا لسحب الثقة من الغنوشي، لاتهامهم له بأنه يخدم أجندة تنظيم الإخوان المسلمين وحلفاء في الخارج من بينهم تركيا وقطر.
ويعتصم نواب الحزب الدستوري الحر في مقر البرلمان مطالبين بسحب الثقة من الغنوشي.
وتحتاج إجراءات سحب الثقة إلى توقيع 73 نائبا على الأقل، وهو عدد تحظى هذه الأحزاب بأكثر منه.
وسيتيح توقيع 73 نائبا التصويت في جلسة عامة. وينص النظام الداخلي للبرلمان على ضرورة الحصول على أغلبية مطلقة تبلغ 109 نواب لسحب الثقة.
وستسعى هذه الأحزاب التي لها أكثر من 90 نائبا إلى حشد جهودها للوصول للنصاب القانوني.
Getty Imagesرفض الفخفاخ اتهامه بالفساد لكنه يتعرض لضغط المعارضة للاستقالة
السعي إلى حكومة جديدة
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤولين في حزب النهضة، وهو الحزب الرئيسي في الائتلاف الحاكم، قولهم إن الحكومة فقدت مصداقيتها بسبب شبهات تضارب المصالح التي تلاحق رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ، وإن النهضة تريد حكومة جديدة قوية.
وانضمت حركة النهضة الأحد إلى القوى المطالبة بتغيير الحكومة.
ونقلت وكالة رويترز عن عماد الخميري القيادي في النهضة قوله إن مجلس الشورى قرر تكليف رئيس الحزب، راشد الغنوشي، بإجراء محادثات مع الرئيس والأحزاب السياسية لتشكيل حكومة جديدة.
وقال حزب النهضة إنه سيراجع موقفه من دعم حكومة الائتلاف الحاكم الهشة بسبب تعارض المصالح الضالع فيه رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ.
وقال النهضة في بيان إن شبهات تعارض المصالح أضرت بصورة الائتلاف الحاكم، وتتطلب إعادة تقييم موقف الحزب من الحكومة.
ولم يذكر الحزب أي تفاصيل بشأن الإجراء الذي سيتخذه. لكن أنباء أفادت بأن من بين الخيارات المحتملة لدى الحزب سحب وزرائه السبعة من الحكومة.
وسيزيد بيان حزب النهضة الضغوط على الائتلاف الحاكم، الذي شكل في فبراير/شباط، عقب انتخابات شهر سبتمبر/أيلول العام الماضي، التي تمخض عنها البرلمان الحالي.
ورفض الفخفاخ اتهامه بالفساد، لكنه يتعرض لضغط من المعارضة للاستقالة، بعد نشر عضو مستقل في البرلمان وثائق الشهر الماضي تشير إلى فوز شركات يمتلك رئيس الوزراء أسهما فيها بصفقة من الدولة تقدر قيمتها بـ15 مليون دولار.
وقال الفخفاخ إنه باع أسهمه في تلك الشركات، وتعهد أمام البرلمان بتقديم استقالته إذا ثبت ضده أي انتهاك للقانون.
وتمثل إجراءات سحب الثقة من الغنوشي كرئيس للبرلمان أكبر إحراج للنهضة منذ 2013 حينما وافقت الحركة آنذاك على التخلي عن الحكم تحت ضغط احتجاجات معارضيها لصالح حكومة تكنوقراط وإجراء انتخابات جديدة.
وعلى عكس أغلب الأحزاب الإسلامية في المنطقة العربية تفادت النهضة محاولات عزلها حين توصلت إلى اتفاق لتقاسم الحكم مع العلمانيين بقيادة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في 2014.