Reuters
كان الخلاف حول الموقع، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من قرن، واحدا من أعقد القضايا التي تعامل معها القضاء الهندي
وضع رئيس الحكومة الهندية نارندرا مودي الحجر الأساس لمعبد هندوسي على أنقاض مسجد بابري في أيوديا شمالي البلاد.
وكانت مجموعات من الغوغاء الهندوس قد هدمت في عام 1992 المسجد التاريخي الذي كان قائما هناك، بدعوى أنه بني فوق أنقاض لمعبد لإلههم رام.
وكان المسلمون والهندوس يدعون ملكيتهم للموقع منذ عدة عقود، ولكن المحكمة العليا منحته للهندوس وبذا وضعت نهاية لصراع قضائي دام عشرات السنين.
ويتزامن حفل وضع الحجر الأساس مع اارتفاع كبير في الإصابات بفيروس كورونا في الهند.
وكان الخلاف حول الموقع، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من قرن، واحدا من أعقد القضايا التي تعامل معها القضاء الهندي. وكانت المحكمة العليا قد منحت المسلمين قطعة أرض أخرى في أيوديا لبناء مسجد فيها.
ووضع مودي طابوقة رمزية من الفضة في “الحرم المقدس” للموقع بينما تابع الآلاف الحفل من خلال شاشات كبيرة نصبت في أنحاء المدينة.
EPA
وضع رئيس الحكومة الهندية نارندرا مودي الحجر الأساس لمعبد هندوسي على أنقاض مسجد بابري في أيوديا
ولكن، ونظرا لانتشار مرض كوفيد 19، تم إغلاق الموقع والمناطق المجاورة له، ولم يسمح بالوصول إليه إلا للمدعوين.
وتقول مراسلة بي بي سي هندي سارفابريا سانغوان، الموجودة في أيوديا، إن عددا كبيرا من الناس تجمعوا خارج الموقع، وبدأوا بالهتاف عند وصول مودي.
وإستهل رئيس الحكومة الكلمة التي ألقاها بعد وقت قصير من وضعه حجر الأساس بالقول “جاي سيا رام” بدل الشعار الأكثر شيوعا “جاي شري رام” الذي كان قد أصبح الشعار الذي تبناه الهندوس اليمينيون المتطرفون في البلاد.
وقال مودي إن الموقع “قد تحرر”، وإنه سيتم تشييد “صرح عظيم” للإله رام فيه، مضيفا أن الإله رام كان يقيم في خيمة في السنوات العشر الأخيرة.
وكان مودي يشير إلى البناء المؤقت الذي كان يحوي تمثال رام لالا (أو رام الرضيع) لأكثر من ثلاثة عقود بينما كان القضاء ينظر في الدعوى.
وكان التمثال قد نقل إلى معبد مؤقت في الموقع في وقت سابق من العام الحالي.
ويؤمن الهندوس بأن أيوديا هي مسقط رأس الإله رام. وكان حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم الذي يتزعمه مودي قد وعد مؤيديه من الهندوس المتطرفين بأنه سيعيد بناء المعبد على أنقاض مسجد بابري.
وقال أحد السكان المحليين لبي بي سي إنه يشعر “بفرحة غامرة” لأن الإله رام سيكون له “مسكن مناسب”.
وبينما قال مسؤولون إنهم مصممون على إتباع كل التعليمات الخاصة بكوفيد 19، قالت مراسلتنا في الموقع إنها شاهدت حشودا غفيرة تملأ الطريق المؤدية إليه.
وأضافت مراسلتنا بأن العديد من الناس كانوا يتابعون الحفل من أسطح المباني المجاورة دون إرتداء الكمامات أو مراعاة شروط التباعد الإجتماعي. وكان العديد منهم يردد هتاف “جاي شري رام” الهندوسي المتطرف.
وعزفت أغاني تمجد الإله رام، كما زينت الطرق بالزهور. وطليت واجهات العديد من المتاجر باللون الأصفر كما رفعت الأعلام الصفراء (يذكر أن الأصفر يعد لونا مقدسا لدى الهندوس).
وحظر حفل وضع حجر الأساس رئيس حكومة ولاية أوتار براديش، الهندوسي المتشدد، اليوغي أديتياناث وغيره من كبار مسؤولي حزب بهاراتيا جاناتا.
يذكر أن ولاية أوتار براديش، التي تقع فيها مدينة أيوديا، قد سجلت أكثر من 100 ألف إصابة بكوفيد 19 إلى الآن، بينما سجلت الهند أكثر من 1,9 ملايين إصابة وأكثر من 40 ألف وفاة جراء الوباء.
وغطّت القنوات التلفزيونية الهندية الحفل بشكل مفصل.
وتقول التقارير الإخبارية إن المؤمنين الهندوس في شتى أرجاء البلاد يرسلون الفضة والذهب – على شكل قطع نقدية وسبائك وغيرها – لاستخدامها في تشييد المعبد الجديد. ويقال إن أوامر صدرت للشرطة المحلية بحماية هذه التبرعات.
وقالت صحيفة (تايمز أوف إنديا) إن نحو 200 ألف طوبة نحتت عليها عبارة “شري رام” (أي الإله رام) جمعت من المؤمنين عبر السنين ستستخدم في تشييد أساسات المعبد.
وقال كبير المعماريين المسؤولين عن تشييد المعبد الجديد، وإسمه تشاندراكانت سومبورا، لموقع (ذا برينت) الأخباري إن الصرح سيصمم حسب أسلوب (ناغارا)، وهو أسلوب محبب فيما يخص تشييد المعابد في شمالي الهند.
وسيكون الحرم الداخلي للمعبد – مكان وجود تمثال رام الرئيسي – ثماني الزوايا، وسيضم المعبد صرحا كبيرا ذا ثلاثة طوابق و366 عمودا و5 قباب.
وقال المعماري سومبورا إن المعبد سيضم أيضا جدارا تذكاريا لتكريم أولئك الذين شاركوا في الحركة التي أفضت إلى تشييده.
EPA
العديد من الناس كانوا يتابعون الحفل من أسطح المباني المجاورة دون إرتداء الكمامات أو مراعاة شروط التباعد الإجتماعي
ما هي خلفيات صراع أيوديا؟
كان لب الصراع هو مسجد شيّد في القرن السادس عشر هدمه متظاهرون هندوس في عام 1992.
ويعتقد العديد من الهندوس أن مسجد بابري بني أصلا على أنقاض معبد هندوسي كان قد هدمه الغزاة المسلمين.
ولكن المسلمين يقولون إنهم كانوا يستخدمون المسجد للصلاة حتى عام 1949، عندما وضع الهندوس تمثالا لرام فيه وبدأوا بالصلاة داخله.
وكان الجانبان قد لجئا للقضاء مرات عديدة عبر العقود لحل المعضلة.
وماذا كان الحكم النهائي؟
قالت المحكمة العليا بإجماع الآراء إن تقريرا أعدته الهيئة الهندية للآثار يثبت وجود آثار لصرح “غير إسلامي” تحت أنقاض مسجد بابري المهدم.
وقالت المحكمة إنها قررت، بناء على الأدلة المتوفرة، بوجوب منح الأرض للهندوس لبناء معبد عليها بينما ينبغي منح المسلمين أرضا أخرى لتشييد مسجد.
وأمرت المحكمة الحكومة الإتحادية بتأسيس صندوق لإدارة مشروع بناء المعبد والإشراف عليه.
ولكن المحكمة قالت أيضا إن هدم مسجد بابري كان عبارة عن إنتهاك للقانون.