Getty Images
حسان دياب خلال خطاب استقالته
” منظومة الفساد أكبر من الدولة”، هكذا قالها رئيس الوزراء اللبناني المستقيل حسان دياب، خلال خطاب استقالته، شارحا أن هذه المنظومة كانت على رأس العوامل، التي أدت إلى إفشال جهود حكومته من أجل الإصلاح.
ربما جاءت كلمات دياب صادمة لكثيرين، ممن لا يعرفون تفاصيل واقع الفساد في لبنان، إلا أن المؤكد هو أن الرجل، كان على دراية بكل تفاصيلها، حين قبل بتولي منصبه رئيسا لحكومة، أخذت على عاتقها محاربة هذا الفساد.
وكان دياب قد كرر في مناسبات سابقة، أن مشكلة لبنان هي الفساد وأنه دولة داخل الدولة، فما هي أبعاد الفساد في لبنان؟ وهل يعد رجال السياسة شركاء فيه؟ وهل من الممكن فعلا القضاء عليه، بعد أن صار متجذرا في البنية السياسية والمجتمعية في لبنان، كما يقول مراقبون.
ترتيب متقدم
وفق منظمة الشفافية الدولية، وبحسب مؤشر مدركات الفساد، الذي أصدرته عام ،2018 يحتل لبنان المرتبة 138 من بين 180 بلداً، في قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم، وقد حصل على 28 من مئة نقطة في ما يتعلق بفساد القطاع العام، وهو ما يجعله واحدا من أشد البلدان فسادا في المنطقة، وبحسب استبيان آراء نشرته منظمة الشفافية الدولية أيضا، فإن لبنانياً من أصل اثنين تقريباً يتلقى أموالا مقابل صوته الانتخابي.
ويعتبر العديد من النشطاء اللبنانيين، الذين خرجوا للشارع منذ انتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، أن الفساد الذي يعم لبنان هو وليد للنظام السياسي، وأنه ترعرع في كنفه، على مدار سنوات طويلة وبات متجذرا في بنيته، بحيث بات من الصعب بل من المستحيل القضاء عليه، ويشير هؤلاء إلى أن معظم وزارات الدولة وإداراتها، باتت مرتعا للفساد والهدر، والمحاصصة الطائفية، وأنه تحول إلى المسبب الرئيسي لحالة الإنهيار الاقتصادي، التي يشهدها لبنان منذ عدة أشهر.
فساد برعاية سياسية
وفي معرض التفصيل، في مجال علاقة الفساد بالمؤسسة السياسية في لبنان، يرى نشطاء أن الفساد المستشري في الدوائر الحكومية، يعيش برعاية أطراف سياسية، ويشيرون إلى أن محاسبة الحاكم في لبنان تصطدم دوما بحائظ الطائفية، وفقا للنظام السياسي القائم.
وفي معظم الحالات، يتم التوظيف داخل دوائر الدولة اللبنانية، وفقا للمحاصصة الطائفية، وليس وفقا لمعيار الكفاءة، ومن ثم فإن الإجراء المتبع، في أنظمة كثيرة في العالم، والذي يقضي بمحاسبة المسؤول الفاسد، لا يتبع في لبنان، حيث يستند المسؤول إلى طائفة، وطرف سياسي نافذ، ومن ثم تتحول محاسبته من وجهة نظر النظام إلى استهداف لطائفته.
ووفق تقارير منشورة، فإنه ورغم تعليق التوظيف في القطاع العام، فإن القوى السياسية اللبنانية قامت بتوظيف أكثر من خمسة آلاف شخص في مؤسسات رسمية قبيل انتخابات 2108 الأخيرة في البلاد وذلك بهدف الحصول على أصواتهم.
وبجانب ذلك يشير مراقبون إلى أن كبار السياسيين في النظام اللبناني هم أيضا، شركاء في أكبر المصارف اللبنانية، بما يؤدي من وجهة نظرهم، إلى حالة من تضارب المصالح، إذ أنه من الصعب جدا أن يتخذ أحد هؤلاء الوزراء قرارا إصلاحيا، ربما يكون هو متضررا منه، على المستوى الشخصي، وربما توضح كل تلك التفاصيل، فشل معظم الحكومات اللبنانية السابقة، في تطبيق شعارها الذي رفعته دوما، وهو محاربة الفساد، وربما تفسر أيضا كيف انتهى الأمر بحسان دياب للاستقالة دون تطبيق أي من خططه الاصلاحية.
سبل المواجهة
في ظل هذا التغول الواضح للفساد في لبنان، والذي تتحدث عنه المعلومات، ربما يكون من الصعب الحديث عن معالجة سهلة للقضية، لكن العديد من الناشطين، في مؤسسات لبنانية للشفافية، يعتبرون أن هناك نقصا واضحا، في التشريعات اللازمة لمكافحة الفساد، ويرون أن هناك حاجة ملحة، لتشريعات تعيد تعريف الفساد، بصورته الموجود على الساحة اللبنانية، وعقوبات من يرتكبه، كما تتحدث عن ضرورة أخرى ملحة، لتشريع يضمن استقلال السلطة القضائية في البلاد عن الأطراف السياسية.
ويطرح هؤلاء أيضا أفكارا، حول ضروة أن يصير المواطن اللبناني على مستوى الشارع، شريكا بمحاربة الفساد، معتبرين أن الفساد تحول إلى ثقافة مجتمعية، وأن كثيرين من اللبنانيين، يمارسونه في حياتهم اليومية، عبر تمرير مصالح غير مشروعة ، من خلال تقديم الرشى.
وربما تكون الأفكار المطروحة، حول تغيير كامل في النظام السياسي اللبناني، باتجاه دولة مواطنة بعيدا عن المحاصصة الطائفية، على صعوبة تنفيذها، ذات فائدة في محاربة الفساد، من وجهة نظر العديد من اللبنانيين، إذ أنه وحين يكون المسؤول، غير مستند لطائفة يستقوي بها، فإن محاسبته على أخطائة وفساده ستكون ممكنة إلى حد كبير، في حين سيكون رأس السلطة نفسه، عرضة للمساءلة والمحاسبة من قبل الشعب.
كيف رأيتم ماقاله رئيس وزراء لبنان المستقيل من أنه اكتشف أن الفساد أكبر من الدولة؟
من هو برأيكم الراعي الرئيسي للفساد في لبنان؟
هل ترون أن القضاء على الفساد في لبنان أمر ممكن أم أنه صعب؟
ماهي الوسائل التي يمكن من خلالها القضاء على الفساد في لبنان؟
وهل ترون أن تغيير النظام السياسي برمته كفيل بالقضاء عليه؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الأربعاء 12 آب/أغسطس من برنامج نقطة حوار في الساعة 16:06 بتوقيت غرينتش.
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/hewarbbc أو عبر تويتر على الوسم @nuqtat_hewar