الوضع في تونس: هل تتعرض البلاد لمؤامرات خارجية؟

الرئيس التونسي قيس سعيد

Getty Images

ناقشت صحف عربية جوانب الأزمة السياسية في تونس على خلفية تصريحات الرئيس قيس سعيد الذي أشار إلى وجود “مؤامرات” مع أطراف خارجية “للخروج عن الشرعية”.

وتتفاقم الأزمة مع استمرار الخلاف بين الحزب الدستوري بقيادة عبير موسي وحركة النهضة الإسلامية في البرلمان والتي وصلت إلى حد محاولات برلمانية نيابية للإطاحة بزعيم الحركة و رئيس البرلمان راشد الغنوشي.

وحذر معلقون من وقوف دول بعينها وراء “المؤامرات” بهدف الإطاحة بالحكومة التونسية، بينما انتقد آخرون سياسات حركة النهضة التي حالت دون تحقيق “استقرار سياسي” في البلاد.

وضع “خطير جداً”

قالت صحيفة القدس العربي في افتتاحيتها: “تخوض تونس أزمة سياسية متعددة الجوانب، من أهم مظاهرها تقديم رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ استقالته للرئيس، بالتناظر مع متابعة ‘الحزب الدستوري الحر’، من أنصار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وكذلك جماعات سياسية أخرى، تمارين ‘الحرب الأهلية’ ضد حركة ‘النهضة’… ويجري كل هذا معطوفاً على وضع اقتصادي صعب تعيشه البلاد نتيجة تداعيات أزمة كورونا”.

وأضافت الصحيفة: “ما زالت التجربة الديمقراطية التونسية الناجي الوحيد عملياً ضمن سلسلة الثورات العربية الدامية … وهو ما يجعلها تتعرّض بالفعل إلى ‘مؤامرات’، كما ذكر الرئيس سعيّد أكثر من مرة، وخصوصا من قبل الجهات الإقليمية الراعية للثورة المضادة في الإمارات ومصر والسعودية”.

وتحت عنوان “الإمارات تشعل الفتنة السياسية في تونس”، قالت صحيفة الراية القطرية: “تواصل دولة الإمارات دورها المشبوه في محاولة تقويض الديمقراطية في تونس مهد الربيع العربي وسط تصاعد التحذيرات من قوى سياسية أجمعت على التنبيه من خطورة مؤامرة أبوظبي.”

وحذرت الصحيفة من “مؤامرة الإمارات وقوى الشر ضد تونس بالتعاون مع قوى داخلية”. ونقلت الراية القطرية تصريحات رئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان، نور الدين البحيري، الذي قال: “ما يحصل في البرلمان ليس مجرد مناوشات بين نواب النهضة وكتلة عبير موسي (الحزب الدستوري الحر)، بل إن كتلة (القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان) وضاحي خلفان في البرلمان تواصل ممارسة العنف واحتلال مجلس نواب الشعب لتمهيد الطريق أمام الانقلاب الإماراتي في تونس على شاكلة ما حصل في مصر”.

تونس: هل يتمكن الرئيس سعيد من وقف مسلسل الفوضى داخل البرلمان؟

متظاهرون يحملون الشموع والعلم التونسي (أرشيفية)Getty Images

بالمثل، حذر الكاتب خالد فتحي في صحيفة رأي اليوم اللندنية من أن “الوضع التونسي خطير جدا، وخيوطه لا يحركها الداخل، بقدر ما أنها تدار عن بُعد من الخارج… فهؤلاء اللاعبون في الميدان ليسوا إلا منفذي خطة لاعبين كبار يقفون في الظل: ففي نظر المواطن التونسي البسيط ليست زعيمة الدستوري الحر سوى أداة للعلمانية المتوحشة وبقايا نظام بن علي البائد، وليس غنوشي اليوم بعد أن حزب الأمر بليبيا في نظر المحتجين على رئاسته إلا أداة تحركها جماعة الإخوان الدولية وتركيا الوصية عليها .كما أن صرعة العرائض لاتعني غير تكتيكات و جولات في معركة كسر عظام رهيبة بين قيس سعيد ومن ورائه الدولة العميقة، وحركة النهضة ومن ورائها كل الالتزام الذي تدين به للإسلام السياسي”.

حركة النهضة في “عزلة سياسية”

وأشار محمد كريشان في موقع مأرب برِس اليمني إلى أن الرئيس قيس سعيد تقع على عاتقه “مسؤولية كبرى فالاسم الذي سيختاره، سواء من بين الذين قدمتهم له الأحزاب أو من عنده، سيكون الرجل الذي من الممكن أن يفتح صفحة جديدة في مسيرة العمل الحكومي أو أن تصل معه الأزمة السياسية في البلاد إلى ذروتها التي لا مخرج منها سوى حلّ البرلمان والذهاب إلى انتخابات جديدة”.

وتوقع الكاتب أن “أمام الرئيس سعيد وتونس فرصة أخيرة ليظفر التونسيون بحكومة مستقرة يمكنها تحديد أهدافها للأربع السنوات المقبلة تقدم في نهايتها جردة حساب تسمح بتجديد الثقة في من يقف وراءها أو معاقبته في الانتخابات المقبلة.”

وتوقع خالد هدوي في صحيفة العرب اللندنية أن “تخسر حركة النهضة حلفاءها بعد إقالة وزرائها من الحكومة التونسية”.

وقال الكاتب: “بدت حركة النهضة الإسلامية وكأنها تعيش عزلة سياسية لافتة مع تكرر الاتهامات الموجهة إليها بتأزيم الوضع السياسي في تونس بسبب مناوراتها التي أفضت إلى سقوط حكومة إلياس الفخفاخ وقطعت حبل الود بين الحركة الإسلامية وحلفائها التقليديين على غرار حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب”.

وأضاف هدوي أن حركة النهضة التونسية بدأت “تجني ثمار مناوراتها التي حالت دون إرساء استقرار سياسي، من خلال محاولات إخضاع أجهزة الدولة لخدمة أجنداتها، مما جعلها تعيش في عزلة خلال الظرف الراهن كشفت عنها اتهامات موجهة للحركة من قبل حلفائها التقليديين الذين يتبنون الخط الثوري بتأزيم الوضع السياسي”.

من ناحية أخرى، رأى الجمعي قاسمي في صحيفة العرب اللندنية أن الرئيس التونسي “بعث برسائل مُشفرة إلى الفاعلين السياسيين داخل البلاد، وخارجها، تضمنت إشارات قوية عكست بمفرداتها وتعبيراتها التي لم تخل من المصطلحات العسكرية والأمنية حجم المخاطر التي تحيط بالبلاد نتيجة ممارسات حركة النهضة الإسلامية التي دفعتها عزلتها السياسية إلى محاولة خلط الأوراق لإعادة صياغة معادلات المشهد السياسي العام في البلاد على مقاس أجندتها”.