الملك توت عنخ امون: صانع الذهب

شخص يرتدي كمامة يطالع قناع توت عنخ آمون الذهبي

Reuters

قبل الإغلاق المفروض على لندن بسبب تفشي فيروس كورونا، كان معرض ساتشي يستضيف معرض توت عنخ آمون: كنوز الفرعون الذهبي، قبيل الذكرى المئوية لاكتشاف هوارد كارتر لمقبرة الملك الصغير عام ١٩٢٢.

عُرضت ال١٦٦ قطعة أثرية في جولة دولية قيل أنها ستكون الأخيرة قبل أن تعود القطع إلى مصر بشكل نهائي. و لكن تحقيقا أجراه الصحفي المصري جهاد عباس وبي بي سي عربي كشف أن صفقة الحكومة المصرية لإقراض هذه القطع الأثرية إلى وكالة IMG التابعة لهوليوود، ربما تكون انتهكت القوانين المصرية الخاصة بحماية الكنوز القديمة التي لا تقدر بثمن.

معرض لصور نادرة لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون

ما سر الهوس العالمي بمقبرة توت عنخ آمون؟

كما حصلت بي بي سي عربي على وثائق تظهر أن مسؤولين كباراً حذروا من توقيت العرض.

أكد منظم الرحلة جون نورمان لبي بي سي عربي أن رئيس الوزراء المصري وافق على الجولة والتي ستساعد على زيادة السياحة إلى البلاد. و يزعم زميله في المشروع الدكتور زاهي حواس، أن الجولة ستزيد الدخل الذي تحتاجه الدولة المصرية.

https://www.youtube.com/watch?v=qvaSP6cYZek&feature=youtu.be

يذكر أن الدكتور حواس هو وزير الآثار المصرية السابق، وهو شخصية مثيرة للجدل في علم الآثار المصري، و هو الذي لعب دوراً محورياً في العلاقة بين IMG ووزارة الآثار وكان مستشارًا مدفوع الأجر للمعرض.

وينص قانون حماية الآثار المصرية على أن القطع الأثرية لا يمكن اقراضها في الخارج إلا للمتاحف أو المؤسسات العلمية أو الدول. ومع ذلك، كان معرض توت عنخ آمون قرضًا لشركتين تجاريتين. علاوة على ذلك، ينص القانون على إقراض القطع فقط في حال لم تكن فريدة. وتقول IMG أن هذه القطع الأثرية تعتبر جزءًا من سلسلة، لذلك فهي ليست فريدة. بيد ان المعرض يتألف من قطع اثرية لا تقدر بثمن من مقبرة توت عنخ آمون.

ومع ذلك، قامت الحكومة المصرية بتغيير القانون لإزالة هذه القيود في عام ٢٠١٨.

و حصل فريق بي بي سي عربي خلال التحقيق على العقد المبرم بين وزارة الآثار، و شركة IMG ، وشركة جون نورمان – المعارض الدولية. ويكشف العقد عن أن الصفقة تم توقيعها بالفعل في عام ٢٠١٧ ، قبل تغيير القانون لإزالة القيود.

“كنوز الفرعون الذهبي” تعرض في لندن

بالصور: ترميم التابوت الكبير المذهب للملك توت عنخ آمون

وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها مثل هذه الصفقة جدلاً في مصر. ففي عام ٢٠١٢، حكمت محكمة مصرية بعدم قانونية معرض دولي سابق نظمه أيضا الدكتور زاهي حواس وجون نورمان لعرض قطع اثرية من عصر كليوباترا. و تقول IMG إنها لم تكن على علم بأي قضايا قانونية مرتبطة بهذا المعرض. ويزعم .زاهي حواس أن التعامل مع القطاع الخاص يجلب المزيد من الأموال لمصر. إذا تم إقراض القطع الأثرية لمتحف تديره الدولة مثل المتحف البريطاني، فهو يدعي “أنها لن تعطينا قرشًا واحدًا،بل سيحتفظون بالمال لأنفسهم “.و ينفي المتحف البريطاني ذلك ويقول إنهم دفعوا مبالغ كبيرة للحكومة المصرية مقابل قروض سابقة من القطع الأثرية، بالإضافة الى أنهم تبرعوا بـ ٦٥٠,٠٠٠ جنيه إسترليني – تساوي عشرة ملايين جنيه إسترليني اليوم – للقطع الأثرية المدرجة في معرض توت عنخ آمون التاريخي عام ١٩٧٢.

وثمة ما يدعو إلى التشكيك في الفائدة المالية الحقيقية لصفقة توت عنخ آمون ٢٠١٧ للدولة المصرية حيث لم يتم الإعلان عن التفاصيل الدقيقة للصفقة أو للدخل الذي تتوقع مصر تحقيقه منها على الإطلاق، ولم تطرح وزارة الآثار مناقصة عامة لضمان أفضل عرض للمعرض.

وهنالك سبب آخر يجعل الناس في مصر يشعرون بعدم الارتياح حيال الجولة الحالية. حيث صرح مسؤولون مصريون أن القطع الأثرية ستعود في الوقت المناسب ليتم عرضها في المتحف المصري الجديد في الجيزة. في حين أنه من المقرر افتتاح المتحف الذي كلف عدة ملايين من الدولارات في عام ٢٠٢١، في غضون ذلك اتفقت وزارة الآثار مع IMG على إمكانية استمرار جولة توت عنخ آمون حتى عام ٢٠٢٤. وحصلت بي بي سي عربي على رسالة موجهه إلى وزارة الآثار في ديسمبر ٢٠١٧ من قائد الجيش الذي يرأس المتحف المصري الكبير، يحذر فيها من أن عددًا من واجهات العرض الجديدة ستكون فارغة، وأنه سيكون هناك خسارة محتملة في الدخل إذا لم يتم إرجاع القطع الأثرية في الوقت المناسب.

شركة IMG صرحت أنها لم تكن على علم بهذه المخاوف وأن سبعة وتسعين بالمئة من القطع الأثرية لتوت عنخ آمون لا تزال في مصر.

وقال الدكتور زاهي حواس في بيان له إن الأمور القانونية تعود للحكومة المصرية.

وقد عرضت بي بي سي عربي الادعاءات خطياً إلى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ولكنه لم يرد ، رغم أنه كان قد أخبر بي بي سي في السابق أن للمعرض فوائد اقتصادية وسياحية واقتصادية لمصر.

و تقول IMG أنها استوفت جميع الإجراءات من وزارة الآثار من أجل الحصول على العقد بشكل قانوني، وتمت الموافقة عليه من قبل جميع السلطات اللازمة بما في ذلك رئيس الوزراء المصري. ويقولون أيضًا أنهم دفعوا للحكومة المصرية 20 مليون دولار للمعرض حتى الآن، في لوس أنجلوس وباريس ولندن، وتم دفع كامل المبلغ مقابل معرض لندن على الرغم من الإغلاق المبكر لمعرض ساتشي بسبب فايروس كورونا.

وابدت الحكومة المصرية على إعادة افتتاح المعرض في معرض ساتشي ليتم تعويض الأيام الضائعة بسبب الاغلاق جراء فايروس كورونا ولكن لم يتم حتى الآن الإعلان عن موعد إعادة الافتتاح.