بدأت حملة في بريطانيا لإقامة تمثال للاعب كرة قدم استبعده المسؤولون من الانضمام لمنتخب إنجلترا عندما اكتشفوا أنه أسود البشرة.
وكان يمكن أن يكون جاك ليزلي – الذي رشح في عام 1925 للانضمام إلى المنتخب – أول لاعب أسود يلعب في منتخب إنجلترا، قبل 53 عاما من فيف أندرسون.
وعندما توفي ليزلي في عام 1988، وهو في الـ88 من عمره، كان هناك كثير من اللاعبين السود في مستويات عليا في كرة القدم.
وقد ولد ليزلي في منطقة تدعى كانينغ، في لندن دوكلاندز، في عام 1900، لأم إنجليزية وأب من جامايكا.
وكان ليزلي رياضيا موهوبا، وبدأ اللعب لنادي باركينغ، حيث جذب سجله الكبير في تسجيل الأهداف انتباه نادي بليموث أرغيل، الذي كان من أندية الدرجة الثالثة.
وانضم بالفعل إلى النادي في موسم 1921-22، وظل فيه 14 عاما، وشارك في 401 مباراة، وسجل 137 هدفا، وهو إنجاز مثير للإعجاب نظرا لما تعرض له من إساءة عنصرية من قبل الجمهور والمنافسين على حد سواء.
وكان ليزلي معروفا بهجماته العظيمة من جهة اليسار، ولكنه كان أيضا لاعبا متميزا يحسن الأداء في أي مكان، حتى كمدافع في الوسط.
دعوة إلى منتخب إنجلترا
في عام 1925، دعا مدرب نادي بليموث أرغيل، بوب جاك، هدافه النجم إلى مكتبه، ونقل إليه أخبارا مثيرة، فقد رشحه ليلعب في المنتخب الإنجليزي أمام أيرلندا.
وكان هذا إنجازا كبيرا بالنسبة إلى اللاعب، وتشريفا لنادي بليموث، أحد أندية الدرجة الثالثة.
وكان اختياره حديث النادي والبلدة، ولكن بعد أيام، وعندما نشرت الصحف أسماء أعضاء الفريق، الذي كان في صدارته بيلي ووكر، من نادي أستون فيلا، ورد اسم ليزلي باعتباره احتياطيا.
ولم يسافر ليزلي مع الفريق الإنجليزي إلى بلفاست.
وبينما كافح الفريق الإنجليزي وقتها ليحصل على التعادل صفر-صفر، سجل ليزلي مع ناديه بليموث مرتين في مباراته مع بورنموث الذي خسرالمباراة 7-2.
وقالت حفيدته واسمها ليزلي هيسكوت: “أعتقد أن المدرب أرسل طلبه قائلا: لدي لاعب مبهر هنا، يجب أن يلعب لإنجلترا”.
BBCحفيدتا ليزلي تقولان إنه كان لطيفا جدا ومحبا لهما
وتتابع: “ثم جاء شخص إلى النادي ليراه. فلم يكن المسؤولون يراقبون لعبه، بل كانوا ينظرون إلى لون بشرته. ولهذا السبب حرم من فرصة اللعب لبلده”.
وأشار ليزلي نفسه فيما بعد إلى ذلك قائلا إنهم عندما اكتشفوا أنه أسود لابد أنهم شعروا “وكأنهم اكتشفوا أني أجنبي”.
وتقبل ليزلي ما حدث، بحسب ما قالته حفيدتاه ولم يعبر أبدا عن أي شعور بالمرارة.
وتتذكره حفيدتاه وتقولان إنه كان رجلا لطيفا جدا ومحبا لهما.
وتزوج ليزلي من جدتهما لافينيا، في عام 1925، ولم يكن من المعتاد وقتها أن يتزوج رجل أسود من امرأة بيضاء.
وكان من تبعات ذلك أن بعض أفراد أسرته، خاصة لافينيا، تعرض لإساءات عنصرية.
وقالت لين ديفيز حفيدته الأخرى: “عندما كنت أمشي في الشارع مع أصدقائي، وأقابله وهو آت من الاتجاه الآخر، كان يعبر الطريق إلى الجهة المقابلة حتى أتجاهله وكأني لا أعرفه، لقد كنت أتألم فعلا”.
وأضافت: “لكنني كنت أعبر الطريق وأقول: أهلا جدي”.
وعلى الرغم من مساعدته نادي بليموث في إيصاله إلى صدارة الأندية الأربعة في الدرجة الثانية، وتوليه قيادة فريق النادي، وتسجيله في موسم (1931-1932) 21 هدفا في 43 مباراة، فلم يحظ ليزلي أبدا باللعب لإنجلترا.
أما فيف أندرسون، الذي اختير للعب لمنتخب إنجلترا في مباراته مع تشيكوسلوفاكيا في ويمبلي في عام 1978، فشارك في 30 مباراة دولية.
وقال أندرسون لبي بي سي: “لم أسمع بجاك ليزلي إلا قبل أسبوعين. وهذا شيء مخجل، لأن ما حققه، وما فعله، يجب أن يكون ذا أهمية كبيرة في ذهن أي شخص أسود”.
وأضاف: “هذا أمر مخجل، لكني آمل في أن يحفظ التمثال الذي يريدون إقامته تراثه”.
وقد كرم نادي بليموث أرغيل ليزلي بوضع صورة جدارية زيتية له، وإطلاق اسمه على غرفة مجلس النادي.
وشرعت الآن مجموعة من المشجعين في بدء حملة لإنشاء تمثال له.
BBCكرم نادي بليموث ليزلي بوضع صورة جدارية زيتية له
ويقول أحد مؤسسي الحملة: “في الوقت الذي تسقط فيه بعض التماثيل، نريد إقامة واحد لجاك ليزلي، إحياء لإنجازاته المبهرة، وحتى نتذكر الظلم الذي عاناه”.
وتأمل الحملة في جمع مبلغ 100ألف جنيه إسترليني. ومن بين الداعمين لها أندرسون والنادي الذي كان يعلب فيه ليزلي.
ويقول رئيس نادي بليموث، سايمون هاليت لبي بي سي: “أيد مشجعونا فكرة إقامة تمثال له وشاركوا في التبرعات. وفي هذا إعلان بانضمامهم إلى مكافحة العنصرية في كرة القدم”.
وأضاف: “التاريخ يكتبه الفائزون من خلال انتصاراتهم، وأعتقد أننا الآن نحاول الاهتمام أكثر بضحايا هذه الانتصارات”.
ويقول بيل هيرن، المؤلف المشارك لكتاب عن الرواد السود في كرة القدم: “كان يجب أن يكون جاك ليزلي شخصية كبيرة في تاريخ كرة القدم الإنجليزية والمجتمع”.
وأضاف: “كل واحد منا بحاجة إلى نموذج، ولم يكن هناك نموذج للاعبي كرة القدم السود الشباب، لا في الثلاثينيات، ولا الأربعينيات، ولا الخمسينيات”.
ويقول: “لو أن ليزلي قد لعب لإنجلترا، كما كان ينبغي، لكان ألهب طموح أجيال من شباب اللاعبين السود”.
وانتهى مشوار ليزلي الكروي بعد إصابته عندما طار رباط من جلد كرة في عينه وأصابها.
وعاد هو وأسرته إلى شرق لندن، وواصل هو مهنته كصانع لغلايات الماء.
وبعد تقاعده، طلبت منه زوجته، لافينيا، أن يذهب إلى نادي ويستهام ويسألهم إن كان هناك عمل له.
وهناك التقى بمدرب النادي، رون غرينوود، الذي عرفه على الفور، وتذكره باعتباره لاعبا كبيرا.
وعرض عليه غرينوود وظيفة في غرفة الأحذية، حيث كان يمسح الطين عن أحذية نجوم كرة القدم في إنجلترا، مثل بوبي مور، وجيف هيرست، ومارتن بيترز، وتريفر بروكينغ.
ولسخرية القدر في قصة حياة ليزلي، كتب عليه أن ينظف أيضا حذاء مهاجم ويستهام الأسود، كلايد بيست، الذي كان خلال الستينيات والسبعينيات لايزال واحدا من بين عدد قليل من اللاعبين السود، الذين يتصدرون أندية كرة القدم الإنجليزية.
وأحب ليزلي العمل، لأنه كان يحاط بلاعبي كرة القدم، ولكن العمل ذاته لم يكن مناسبا لشخص مثله، كان ينبغي أن يحتل مكانا متميزا في تاريخ كرة القدم.
وربما يحدث ذلك الآن.