Getty Images
ما هو التغيب؟
انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي السعودية وسم #القضاء_يسقط_التغيب فما هو التغيّب؟ وهل فعلا بات من حق المرأة البالغة في السعودية السكن بمفردها؟
يوجد في السعودية ما يعرف بـ”بلاغ التغيب”، الذي يقدمه أولياء أمور إلى السلطات الأمنية في حال تغيب ابنتهم عن البيت.
وليس من الضروري أن يكون تغيب البنت اختفاء، وإنما يقبل بلاغ التغيب حتى لو كان مكانها معلوما، مثلا في حال انتقالها للعيش فيه مستقلة بقرارها.
وقد يؤدي البلاغ إلى إعادة المرأة أو إلى اعتقالها وقد تودع في “دار رعاية”، وهي “مؤسسة إصلاحية” للنساء اللاتي يظهرن تمردا.
ما حقيقة “إسقاط التغيب”؟
قضت محكمة سعودية يوم الثلاثاء برد دعوى تغيّب تقدم بها ولي أمر ضد ابنته، التي قال إنها “تغيّبت عن البيت مرارا وسافرت إلى الرياض دون إذنه” مطالبا بالحكم عليها “بعقوبة تعزيرية تزجرها وتردع غيرها”.
وقالت المحكمة إن ما فعلته المرأة “ليس فيه جرم يستوجب عقابا” وإنها استقلت بالسكن باعتبارها “امرأة عاقله بالغة لها حق تقرير المكان الذي ترغب الإقامة فيه” حسب نص القرار.
من الناس من تلقى القرار بسعادة كبيرة وهلل لما اعتبره “انتصارا من القضاء للمرأة” وخطوة أخرى نحو نيل حقوقها و”إسقاط الولاية كليا”.
ووصف المحامي “عبد الرحمن اللاحم”، الذي تولى القضية، الحكم بالتاريخي وقال إنه :”ينهي قصصا مأساوية للنساء”.
الحمدلله
اليوم صدر حكم(تاريخي)بشأن قضية تغيب كان لنا الشرف في إدارتها ؛يؤكد أن استقلال المرأة العاقلة البالغة في منزل مستقل ؛ ليست جريمة تستحق التعزير
أنا في غاية السعادة لهذا الحكم الذي ينهي قصص مأساوية للنساء .
تحية للسيدة التي دافعت عن حقها بالقانون.#القضاء_يسقط_التغيب pic.twitter.com/2FvchU0mhE— عبدالرحمن اللاحم (@allahim) July 14, 2020
وهناك من أدان الحكم محذّرا من “تبعاته على خصوصية المجتمع السعودي” وعلى “القيم والأخلاق التي تحكمه”، خاصة إذا سمح لفتاة عزباء بالسكن بمفردها.
#القضاء_يسقط_التغيب ماني عارفه الهدف من الهاشتاق الا اذا يدعم الخراب وتفريق الاسره ؟ولا الوضع عندنا عادي ام عاقله راشده تستقل بالسكن مع اولادها لامشكله وسيده كبيره ومستقله مادياً ومستقيمة تسكن لوحدها عادي ولكن فتاه مراهقه عزباء تستقل عن اهلها هذا شئ عظيم ومخزي وخراب للمجتمع
— أستغفر الله العظيم (@hendalnazawi) July 16, 2020
وبعيدا عن الترحيب والإدانة، هناك من ركز على تفاصيل الحكم وقراءته قراءة قانونية، لتبيان حقيقة ما وصف بـ”إسقاط التغيب”.
ومنهم المحامي خالد البابطين، الذي تساءل عما إذا كان كل القضاة السعوديون قد يحكمون بمثل ذلك.
لا أقول أن #القضاء_يسقط_التغيب
وإنما قرر نص الحكم على الاتي : ” كل امراة عاقله بالغة لها ” حق ” تقرير
المكان الذي ترغب الإقامة فيه ، وهذا الفعل غير معاقب عليه ، لا شرعاً ولا قانوناً
لدي سؤالان :
هل كان قضاتنا يحكمون بهذا !؟
ماذا لو صادق الاستئناف على هذا الحكم ؟— المحامي خالد البابطين (@ALBABTAINK) July 16, 2020
ما صدر عن القاضي ليس قانونا ولا تشريعا، وإنما حكم في قضية معينة لا ينطبق بالضرورة على غيرها.
ولا يلزم حكمه كل قاض في قضايا مشابهة بتطبيق نفس الحكم، ما لم يصدر قانون صريح يبيح للمرأة الراشدة تقرير مقر سكنها.
وحصول صاحبة القضية على هذا الحق، الذي أقره القاضي، لا يعني بالضرورة حصول كل امرأة سعودية عليه.
ليه المرأة تضطر تدخل المحكمة أو ينرفع عليها دعوى تغيب عشان تستقل؟ ومن يضمن أن كل قاضي يحكم برد الدعوى؟ و كون أن فيه وحدة كسبت القضية و انتهت معاناتها هذا ما يعني أنها أنهت معاناة بقية النساء! #اسقاط_بقايا_الولاية109#اسقاط_التغيب_كذبه
— فروديتوس (@bellx_ray) July 15, 2020
“تعارض مع نظام الأحوال الشخصية”
يرى حقوقيون أن الوضع الخاص ببلاغات التغيّب يتعارض بالأساس مع تعديلات نظام الأحوال المدنية المتعلقة بالمرأة، التي أقرها مجلس الوزراء السعودي في 30 يوليو-تموز عام 2019.
ويبرز التضارب خاصة في التعديل الذي يقر السماح للمرأة بالحصول على جواز سفر والسفر إلى الخارج دون الحاجة إلى موافقة مسبقة من “ولي الأمر”.
وكذلك تعديل المادة 30 من نظام الأحوال المدنية الذي يقول إن “محل إقامة القاصر هو محل إقامة والده أو الوصّي عليه”.
وتعتبر راشدة من بلغت عامها الواحد والعشرين حسب القانون السعودي.
وكما سمح للمرأة البالغة 21 عاماً بحرية إصدار جواز “السفر” والمغادرة “للخارج” دون تصريح كالرجل تماماً، فكذلك من القياس بل والأولى أن يسمح للمرأة بحرية السكن المستقل.
— عيسى الغيث (@IssaAlghaith) July 15, 2020
وأمام عدم قطعية اللوائح التي تمس قضية “التغيّب” تعالت أصوات تطالب بتحويل قرار المحكمة إلى تشريع يلزم كل القضاة.
كما أن الجدل حول بلاغات التغيب مستمر منذ فترة.
وكانت العضوتان في لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية في مجلس الشورى السعودي “لطيفة الشعلان” و”موضي الخلف” قد تقدمتا بتوصية “تطالب وزارة العدل بـ(التوقف النهائي) عن قبول بلاغ التغيب على من أتمت 21 سنة من العمر باعتبار 21 هو سن رشد المرأة، حسب التعديلات الحديثة في نظامي الأحوال ووثائق السفر”.
توصية لي مع الزميلة موضي الخلف تطالب وزارة العدل ب ( التوقف النهائي) عن قبول بلاغ التغيب على من أتمت 21 سنة من العمر باعتبار 21 هو سن رشد المرأة، حسب التعديلات الحديثة في نظامي الأحوال ووثائق السفر.
استمرار العدل في قبول الدعاوى يشكل معارضة للأنظمة pic.twitter.com/iJRfARF6xC— لطيفة الشعلان (@LatifahAshaalan) January 22, 2020
ويخشى في أحيان كثيرة أن تعاد المرأة عنوة إلى بيت غادرته هربا من العنف خاصة العنف الأسري الذي سجل ارتفاعا في فترة الحجر المنزلي الذي فرض ضمن الإجراءات المتبعة لمواجهة انتشار فيروس كورونا.
أو أن تودع في “دار الرعاية” التي تثير هي الأخرى جدلا كبيرا إذ تعتبرها كثيرات “سجنا” يقلن إن النساء تتعرض فيه إلى “أنواع مختلفة من العنف”.