هل فتح وحماس على أبواب وحدة وطنية لمواجهة الضم الإسرائيلي؟

Getty Images

ناقشت صحف ومواقع عربية المؤتمر الصحفي المشترك لأمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح” الفلسطينية جبريل الرجوب، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” صالح العاروري.

وكان الطرفان قد أعلنا عن توصلهما لتفاهمات على العمل المشترك في مواجهة ما يسمى “صفقة القرن الأمريكية”، ومشروع الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة.

وتباينت الآراء بشأن اللقاء، حيث اعتبره البعض بمثابة خطوة في الاتجاه الصحيح، بينما رأى آخرون أنه لقاء غير مثمر.

“خطوة هامة”

تقول صحيفة “القدس” الفلسطينية في افتتاحيتها: “هذا المؤتمر الذي عقد بدعم كامل من قيادتي حركتي ‘فتح‛ و’حماس‛ وأطلق رسائل واضحة للاحتلال من جهة وللمجتمع الدولي عموماً، وبشرى لشعبنا الصابر المرابط بأننا على أبواب وحدة وطنية حقيقية، عنوانها وحدة النضال في التصدي لمخططات تصفية القضية، وأن هذه الوحدة بين أبناء الشعب الواحد والهدف الواحد تعلو على أي خلاف، وتبث الأمل في نفوس أبناء شعبنا، بقرب طي صفحة الانقسام المأساوي والبدء بخطوات أكثر فاعلية، نحو تحقيق أهداف شعبنا الوطنية المشروعة”.

وتصف “القدس” الخطوة بأنها “هامة”، وتضيف: “شعبنا يتطلع اليوم بعين الأمل والرجاء إلى تجسيد ما عبرت عنه الحركتان من مبادىء ومواقف نبيلة، لنخرج للعالم أجمع بصوت فلسطيني واحد يدوي في كل أرجاء الارض، صوت يوصل رسالة واضحة للاحتلال: لن تمروا، وصوت آخر لكل أبناء شعبنا بأن صفحة بيضاء ناصعة جديدة قد بدأت، في سفر النضال الوطني الفلسطيني”.

ونقلت “صدى البلد” المصرية عن القيادي الفلسطيني محمد دحلان قوله إن “المؤتمر الافتراضي بين قيادات من ‘فتح‛ و’حماس‛، خطوة هامة في الاتجاه الصحيح”.

“لقاء شاشة أم وحدة خندق؟”

ويصف عبد الباري عطوان في “رأي اليوم” اللندنية المؤتمر بأنه “مبادرة جيدة”.

ويقول: “المبادرة التي جاءت من طرف حركة ‘فتح‛ واللواء الرجوب تحديداً، وباركها الرئيس محمود عباس واللجنة المركزية للحركة، تتسم بالشعور بالمسؤولية والرغبة في التصدي لخطة الضم الخطيرة، ولكن هناك العديد من الأسئلة تطرح نفسها، أبرزها غياب الفصائل الفلسطينية الأُخرى الفاعلة على الساحة الفلسطينية، خاصةً حركة ‘الجهاد الإسلامي‛ والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فالأُولى الحليف الأقوى لحركة ‘حماس‛ في العمل الجهادي، والثانية عضو بارز في منظمة التحرير الفِلسطينية المظلة الرئيسية للسلطة”.

ويتابع الكاتب: “تركيز اللواء الرجوب في المؤتمر الصحفي على ‘المقاومة الشعبية‛، وللمرة الألف، يجعلنا أقل حماساً لهذه المبادرة، لأن خطر الضم الكبير لا يجب أن تقتصر مقاومته بالمظاهرات فقط، وثانياً أن هذه المقاومة مثل ‘المعيدي تسمع به ولا تراه‛”.

ويرى جبريل عودة في موقع “غزة بوست” أن المؤتمر “بارقة أمل وشعاع من نور”.

ويقول: “لم يبق أمام الشعب الفلسطيني إلا الاعتماد على ذاته وقواه الفاعلة، في الدفاع عن أرضه ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، ولن يتحقق ذلك إلا بالوحدة الوطنية وتعزيز الشراكة عبر نموذج القيادة الوطنية المشتركة، في إدارة معركة التحرير وإنجاز المشروع الوطني الفلسطيني”.

ويتساءل مصطفى يوسف اللداوي في موقع “صوت العراق” عما إذا كان المؤتمر “لقاء شاشة أم وحدة خندق”.

ويقول: “لم يكن اللقاء شكلياً ولا صورياً ولم يكن تمثيلياً ولا استعراضياً، بل كان جاداً ومسؤولاً ومهماً واستراتيجياً، هذا ما كان يأمله الفلسطينيون، وإن شكك الكثيرون به، وقللوا من شأنه وهونوا من أمره، معتبرين إياه لقاء المهزومين ومناظرة العاجزين، إلا أنه يشكل نقطة تحول بارزة وانطلاقة نوعية جديدة، وخطوة عملية جادة شرط أن تؤسس لها وتبنى عليها”.

“ما هو الجديد؟”

محمود عباسGetty Imagesترفض السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس خطط الضم الإسرائيلية

بالمقابل، وصفت صحف ومواقع اللقاء بين فتح وحماس بأنه لقاء شكلي لن يأتى بجديد.

تتساءل “المنار” الفلسطينية: “ما هو الجديد في مؤتمر قطبي الانقسام.. وماذا بعد؟!”.

وتقول: “اتفق الفصيلان المتصارعان، قطبا الانقسام فتح وحماس، وعبر الفيديو كونفرنس على مواجهة صفقة القرن ومشروع الضم الإسرائيلي، وسلوك المسار السياسي عبر الهيئات الدولية لإفشال هذا المخطط، ولم يذكر أي منهما ولم يقتربا من خيار المقاومة، وحتى خيار المقاومة الشعبية السلمية بشكل جدي واسع وشامل، بعيداً عن حصارها في ميدان أو قاعة”.

وتضيف الجريدة: “هذا المؤتمر الذي على ما يبدو نجحت مشيخة قطر في إنجازه، لم يتحدث عن ضرورة وضع حد للانقسام المخزي في الساحة الفلسطينية، ويتضح استناداً الى مراقبين ودلائل أن الجانبين يخشيان انفجارا واسعا في الشارع الفلسطيني، يضعهما في دائرة الاتهام والجرح، مع العجز عن إبقائه تحت السيطرة… لذلك، لا يتعدى المؤتمر وما ورد فيه حدود التصريحات التي تنطلق من قيادات هامشية”.

ويذهب وليد عبد الحي في “الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية” إلى أن المؤتمر هو “تمويه الاستراتيجى بالأخلاقي”.

ويقول إنه “يكشف عن أن ‘حماس‛ تتلذذ باللدغ المتتالي ومن نفس الجحر”، مضيفاً أن: “تخدير مشاعر الإرهاق والإحباط في الشارع الفلسطيني، بعبارات أخلاقية عن وحدة وطنية وسلسلة من شعارات بالية، يجب أن لا يخفي أن ‘فتح‛ تتبنى اختياراً استراتيجياً، يقوم على التكيف التدريجي مع المخططات الإسرائيلية”.

ويتساءل عريب الرنتاوي في “الدستور” الأردنية: “لماذا نحن ‘متشائلون‛ من لقاء فتح وحماس؟”.

ويقول: “الارتياح ينبع من الحاجة لاستعادة الأمل بتفكيك الانقسام، والتفرغ لمواجهة الاحتلال والاستيطان والضم والعنصرية، بدل الاستمرار في حرب الأخوة الأعداء…أما القلق، فمصدره القناعة بأن الفجوات التي تباعد ما بين الجانبين، ما زالت على اتساعها، وهي كافية وكفيلة بابتلاع هذه التفاهمات، التي من الواضح تماماً أنها لم تتخط التوافق على الوحدة في الميدان”.

ويضيف الكاتب: “النبرة المتفائلة واللغة التصالحية المفرطة في تفاؤلها، لا ينبغي أن تكون بديلاً عن محاولة خلق أرضية سياسية وكفاحية صلبة للمصالحة والوحدة…وإعادة قراءة تجربة الانقسام بأثر رجعي”.