BBCالجمعيات الخيرية تقول إن الفرنسيين يتخلون عن حيواناتهم الأليفة أكثر من نظرائهم في باقي الدول الأوروبية
بعد شهور من الإغلاق العام بسبب فيروس كورونا، يسعى الفرنسيون أكثر من أي وقت مضى إلى الابتعاد عن المدن المزدحمة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
لكن التكدس المروي سيحمل بدوره تذكيراً قبيحاً بظاهرة سنوية أخرى خلال فصل الصيف.
فقد تميز الفرنسيون للأسف بكونهم “أبطال” أوروبا في التخلي عن حيواناتهم الأليفة التي صارت عبئاً عليهم خلال رحلاتهم الصيفية.
وأصبحت مراكز إيواء الحيوانات في مختلف أنحاء البلاد خير دليل على هذا الميل الفريد المحزن.
بيتي لوازو تدير مركز إيواء شمال تولوز منذ أكثر من 20 عاما، حيث توجد أرانب، خنازير، وحتى ماعز. ولكل منها قصة تخلي أصحابها عنها.
تقول لوازو “أصحاب الحيوانات نادراً ما يتحلون بالشجاعة لكي يأتوا بأنفسهم لكي يتخلصوا عنها. بدلاً من ذلك يتصلون ويبلغون عن أماكنها، أو يتركونها داخل صناديق خارج المركز تحت جنح الظلام”.
رأيت قطة بيضاء وقد تكورت في صمت في ركن بعيد داخل قفص. تخلى صاحب القط بوم بوم عنه بعد 15 عاماً بعدما ارتبط بفتاة لا تحب القطط.
فيما أصيبت أخرى واسمها ميشا بالتواء حاد في الساق بعدما قفزت من الشرفة. أرسلها صاحبها لمركز الإيواء لعدم رغبته في تحمل أتعاب الطبيب البيطري.
يوجد الكثير من الكلاب أيضاً هنا. بيبيتو كلب من فصيلة بينشر يبلغ من العمر 5 سنوات، قام أصحابه بربطه بعامود إنارة واتصلوا يبلغوا المركز عن مكانه.
BBCبيتي لوزاو ووالدتها جوسيت تديران مركزاً لإيواء الحيوانات في تولوز
تشرح لوازو “غالباً ما تكون مبرراتهم أنهم ذاهبون في عطلة أو ينتظرون مولوداً أو ينتقلون إلى مسكن جديد أو أنهم ارتبطوا بشخص يعاني من الحساسية”.
وتقول إن أصحاب الحيوانات يمثلون كافة الفئات الاجتماعية، غير أن حالات إساءة معاملة الحيوانات تزيد بين سكان المناطق الفقيرة وفي مجتمعات الغجر الرُحل.
يعد هذا الوقت هو الأكثر ازدحاماً بالنسبة لمراكز الإيواء.
BBCتزدحم مراكز الإيواء بالحيوانات الأليفة خلال الصيف
يمكن القول إن فرنسا هي بلد هواة الحيوانات الأليفة، إذ تمتلك أكثر من نصف العائلات الفرنسية حيواناً أليفاً واحدأ على الأقل.
ومع ذلك، تنطلق كل صيف حملات للدفاع عن حقوق الحيوان في أنحاء البلاد تناشد الناس رعاية حيواناتهم.
إحصائيات قاتمة
يتم التخلي عن ما بين 100 ألف إلى 200 ألف حيوان أليف في فرنسا سنويا، و60% من تلك الحالات تحدث خلال الصيف، وذلك مقارنة بنحو 16 ألف حالة في المملكة المتحدة بحسب ما ذكرته مؤسسة RSPCA لإغاثة الحيوانات لبي بي سي.
وقد وُصف الفرنسيون في أحدث حملة دعائية بأنهم “أبطال أوروبا في التخلي عن الحيوانات الأليفة”. وأضيفت للفيديو أغنية We are the Champions (نحن الأبطال) الشهيرة لفريق الروك البريطاني كوينز. ولكن هل تجدي هذه المناشدات نفعا؟.
لايبدو ذلك فقد كشف تقرير برلماني في شهر يونيو/ حزيران عن أن أعداداً متزايدة من الناس يتخلون عن حيواناتهم الأليفة سنويا. ولكن لماذا يتزايد هذا الرقم، وما الذي يعكسه عن الفرنسيين بشكل العام؟
تقول مارينا شيلو وهي طبيبة بيطرية قرب بوردو ودرست العلاقة الاجتماعية بين الفرنسيين وحيواناتهم ” يُلاحظ بشكل متزايد أن شراء الحيوانات الأليفة يرتبط بالتسوق القهري”.
ولدى شيلو تفسيرات عدة لهذه الظاهرة ” حين تصبح فصيلة معينة من القطط أو الكلاب مرتبطة بالموضة، يريد الناس واحداً منها. وبالطبع – مثلما يحدث مع الهاتف الذكي حيث يتم التخلص منه وشراء الصيحة الأحدث من الموضة بعد عامين”.
وتشير أيضاً إلى أن تقديم الحيوانات الأليفة كهدايا يُعد ضمن أسباب التخلي عن كثير منها. ” غالباً ما يقوم الآباء بشراء حيوانات أليفة لأبنائهم، وحين يكبرون ويفقدون الاهتمام بها يتم التخلي عنها”.
مستشفى بريطاني يستخدم الحيوانات الأليفة في علاج الأمراض النفسية
المهمة الأولى لبوريس جونسون: الحصول على رضا القط لاري
تكلفة غير متوقعة
تقول شيلو إن عيادتها تلقت العديد من الحيوانات التي تخلى عنها أصحابها هذا الصيف، وتضيف أن ثمة تفسير اجتماعي آخر لهذه الظاهرة، مضيفةً ” في فرنسا، حيث يتعاظم دور الدولة، اعتاد الناس على أن يحصلوا على الدواء من الصيدلية دون يدفعوا المال، وبالتالي يشعرون بالصدمة حين يضطرون لدفع تكلفة علاج حيواناتهم. ونتيجة لذلك يتم التخلي عن الكثير من الحيوانات حين تمرض او تتقدم في العمر.”
BBCمارينا شيلو درست العلاقة بين الفرنسيين وحيواناتهم الأليفة
خلال فصل الصيف، يكتشف الناس أن الفنادق إما تفرض تكلفة على إقامة الحيوانات أو تمنعها كليا. وهذا يفسر سبب رؤية كلاب ضالةمذعورة قرب محطات التزود بالوقود على الطرق السريعة أو منتجعات الشواطئ.
قدمت كورين فيغنو وهي نائبة برلمانية في تولوز تأوي العديد من القطط الضالة مقترحاً بتشديد قيود شراء الحيوانات الأليفة وتسهيل إمكانية تتبع الأشخاص الذين يسيئون معاملتها أو يتخلصون منها.
وينص مشروع القانون على جعل وضع الشارات للحيوانات إلزاميا، ورفع الحد الأدني لسن من يقومون بشراء الحيوانات الأليفة.
تقول فيغنو ” إن الطريقة التي يتعامل بها الناس مع حيواناتهم الأليفة هي خير تعبير عن سلوكهم البشري. وتشير الدراسات إلى أن الذين يسيئون معاملة حيواناتهم يكونون أكثر ميلاً لممارسة العنف المنزلي كذلك”.
وتعتقد أن تأييد الأحزاب المختلفة لمشروع القانون المقترح يُرجح أن يتم تمريره في وقت لاحق من هذا العام.
ولكن تبقى لوازو في مركز إيواء الحيوانات غير مقتنعة بوجود حاجة لقوانين جديدة، قائلة ” لدينا بالفعل عقوبات صارمة، تشمل السجن لمن يسيئون معاملة حيواناتهم الأليفة. الشرطة تساعدني، لكن في كل مرة أتوجه فيها إلى النيابة ومعي أدلة، لايبدون اهتماما. الإساءة للحيوانات ليست أولوية بالنسبة لهم. المسيئون للحيوانات نادراً ما تتم معاقبتهم، لكنني لن أستسلم” .