استهدفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، الدكتور أنتوني فاوتشي، مع تصاعد التوتر بين خبير الصحة والرئيس.
وانتقد البيت الأبيض بشكل متزايد الدكتور فاوتشي، ويوم الأحد، شارك مسؤولٌ قائمة تضم عددا من تعليقاته الخاطئة السابقة.
وبين النقاط التي تحدث عنها البيت الأبيض، نصيحة الدكتور فاوتشي المثيرة للجدل بشأن الأقنعة وملاحظاته حول خطورة “كوفيد-19”.
وهناك أكثر من 3.3 مليون إصابة مؤكدة وأكثر من 135 ألف حالة وفاة في جميع أنحاء البلاد، وفقا لجامعة “جونز هوبكنز”.
وناقض الدكتور فاوتشي تعليقات ترامب بشأن الوباء مرات عدة، ما عارض ادعاءات الرئيس بأن هناك تحسنا على مستوى تفشي المرض عازياً الارتفاع الأخير في عدد الإصابات إلى التسرع في إعادة فتح البلاد.
وكانت مذكرة البيت الأبيض التي تسربت خلال عطلة نهاية الأسبوع قد أشارت إلى أن “العديد من مسؤولي البيت الأبيض يشعرون بالقلق بشأن عدد المرات التي أخطأ فيها الدكتور فاوتشي”.
وعلى الرغم من أن البيت الأبيض قال يوم الاثنين إن دكتور فاوتشي وترامب لديهما “علاقة عمل جيدة”، فقد قال مستشار ترامب بيتر نافارو لشبكة “سي بي إس نيوز”: “عندما تسألني إذا كنت أستمع إلى نصيحة دكتور فاوتشي، فإن إجابتي هي أنني أقوم بذلك بحذر فقط”.
ماذا قال البيت الأبيض؟
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كايلي ماكناني للصحفيين يوم الاثنين إن المذكرة كانت “ردّاً مباشراً على سؤال “من صحيفة “ذا واشنطن بوست”.
وقالت “فكرة وجود أبحاث معارضة وتعارض بين فاوتشي والرئيس بعيدة جداً عن الحقيقة”.
وأضافت “كان لدى الدكتور فاوتشي والرئيس علاقة عمل جيدة للغاية”.
وقال نافارو، المستشار الاقتصادي لترامب، مردّدا محتويات المذكرة في وقت سابق، إن الدكتور فاوتشي “كان مخطئاً بشأن كل شيء تفاعلت معه بشأنه”.
وقال “عندما حذرت في أواخر كانون الثاني/ يناير في مذكرة من احتمال تفشي جائحة قاتلة، كان فاوتشي يطلب من وسائل الإعلام ألا تقلق”.
وقال نافارو إن الدكتور فاوتشي حارب ضد “القرار الشجاع” لترامب بوقف الرحلات الجوية من الصين، وقال في البداية إن الفيروس “قليل الخطورة”، كما “تقلب بشأن استخدام الأقنعة” وقال إن “هناك فقط أدلة قصصية” فيما يتعلق باعتماد عقار الهيدروكسي كلوروكين كعلاج.
“والآن يقول فاوتشي إن انخفاض معدل الوفيات لا يهم مع العلم أن ذلك أهم إحصاء للمساعدة في توجيه وتيرة إعادة فتح الاقتصاد”.
وقال الأدميرال بريت جيروير، مساعد وزير الصحة الأمريكي وعضو فريق عمل مكافحة الفيروس، لشبكة “إن بي سي نيوز” يوم الأحد إنه يحترم الدكتور فاوتشي، لكن الأخير ليس دائماً على حق”.
وأضاف “الدكتور فاوتشي ليس على حق بنسبة مئة في المئة كما أنه ليس لديه بالضرورة مصلحة وطنية كاملة في الاعتبار، إنه ينظر إلى الأمر من وجهة نظر صحية عامة ضيقة جدا”.
وقام ترامب الاثنين بإعادة تغريد تعليقات من مضيف برنامج ألعاب يتهم “الجميع”، بما في ذلك المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض (CDC) بالكذب حول فيروس كورونا.
وأخبرت ماكناني في وقت لاحق الصحفيين بأن ترامب لا يزال لديه ثقة في مركز مكافحة الأمراض وكان من المفترض أن تعبر تغريدته عن استيائه من “بعض الأفراد المارقين” الذين سربوا وثائق التخطيط.
وفي الأسبوع الماضي، أخبر الرئيس شبكة “فوكس نيوز” أن الدكتور فاوتشي “رجل لطيف لكنه ارتكب الكثير من الأخطاء”.
ومع استمرار ارتفاع عدد الحالات والوفيات في عدد من الولايات، اتهم منتقدون ترامب بتسييس القضايا الصحية، بما في ذلك ارتداء الأقنعة.
كما اشتبك ترامب مع منظمة الصحة العالمية، متهماً الهيئة بسوء إدارة الوباء عندما بدأ وبأنها فشلت في “إصلاحات مطلوبة بشدة”.
في السابع من تموز يوليو/ يوليو، بدأ ترامب رسمياً في سحب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية وقال إنه سيتم إعادة توجيه التمويل التي تتلقاه من واشنطن.
البيت الأبيض في حالة حرب مع خبرائه
REUTERSفي أوائل آذار/ مارس، نصح الدكتور فاوتشي ومسؤولون صحيون آخرون الناس بعدم ارتداء أقنعة الوجه.
غالبًا ما وجه دونالد ترامب انتقادات ضد الصحف التي تنشر اقتباسات مجهولة المصدر من مساعدي الإدارة الذين ينتقدون الرئيس.
ولكن خلال عطلة نهاية الأسبوع، كان البيت الأبيض يستخدم “مسؤوليه” الذين لم يذكروا أسماءهم في هجوم لافت على أحد أعضاء فريق مهام مكافحة فيروس كورونا، كبير خبراء الأمراض المعدية أنتوني فاوتشي.
حتى أن البيت الأبيض قدم قائمة بتصريحات فاوتشي القديمة حول الفيروس تشبه نوع المذكرة التي قد تستخدمها حملة من أجل توجيه الانتباه السلبي إلى الخصم السياسي.
ويبدو أن الإدارة تحاول تصوير فاوتشي على أنه أخطأ بشأن التهديد المبكر للفيروس، وبالتالي أنه غير جدير بالثقة عندما يشكك في التحليل الحالي للإدارة للوضع الحالي وإجراءاتها المخطط لها.
كما لو أن ذلك لم يكن كافياً، قام الرئيس صباح الاثنين بإعادة تغريد منشور نشره المضيف السابق لبرنامج ألعاب تشاك ووليري، متهماً مراكز مكافحة الأمراض، من بين أمور أخرى، بالكذب بشأن الفيروس في محاولة لتقويض احتمالات إعادة انتخاب ترامب.
وتجعل حالة حرب الإدارة مع خبراءها العلميين والطبيين وسط جائحة تنتشر مرة أخرى في اتجاه تصاعدي، من تطوير استراتيجية متماسكة – استراتيجية يثق بها الجمهور ويتبعها – أمراً صعباً على أقل تقدير.
ماذا قال فاوتشي؟
لم يطلع الدكتور فاوتشي على مذكرة البيت الأبيض، لكنه علق على عدم ظهوره التلفزيوني في الآونة الأخيرة.
وقال لصحيفة “فاينانشيال تايمز” في العاشر من تموز/ يوليو “إن سمعتي، كما اكتشفتم على الأرجح، هي أنني أقول الحقيقة في جميع الأوقات وأنني لا أقوم بتلطيف الأشياء”.
“وقد يكون هذا أحد أسباب عدم ظهوري على التلفزيون أخيراً”.
وقال الدكتور فاوتشي أيضاً إنه لم ير ترامب شخصياً منذ الثاني من حزيران/ يونيو ولم يقدم له إحاطةً آخر شهرين.
وبدلاً من الظهور التلفزيوني، ظهر كبير خبراء الأمراض المعدية عبر البث المباشر والبودكاست.وفي التاسع من يوليو، قال “كدولة، عندما تقارننا بالدول الأخرى، لا أعتقد أنه يمكنك القول إننا نقوم بعمل رائع. أعني، نحن لسنا كذلك”.
وشارك الدكتور فاوتشي في بث مباشر مع كلية الطب في جامعة ستانفورد بعد ظهر يوم الاثنين، لكنه لم يتناول تعليقات البيت الأبيض بشكل مباشر.
ما رأي الجمهور؟
وأظهر استطلاع للرأي أجرته “نيويورك تايمز” نهاية حزيران/ يونيو أن 67٪ من الناخبين الأمريكيين وثقوا بالدكتور فاوتشي في ما يتعلق بالوباء، فيما عبر 26٪ فقط عن ثقتهم في ترامب.
ولكن كان هناك انقسامات صارخة على طول الخطوط الحزبية، حيث يثق 66٪ من الجمهوريين بترامب فيما يعرب 51٪ عن ثقتهم بالدكتور فاوتشي. وقال 4٪ فقط من الديمقراطيين إنهم يثقون في ترامب، مقابل 81٪ يثقون بالدكتور فاوتشي.
وظل علماء الطب بشكل عام الأكثر ثقة بين جميع مجموعات الناخبين، حيث قال 84 ٪ إنهم قدموا معلومات دقيقة.
ووجدت دراسة أجراها مركز “بيو” للأبحاث في أيار/ مايو نتائج مماثلة، تظهر تزايد ثقة الجمهور في خبراء الصحة بين الديمقراطيين ولكن ليس بين الجمهوريين.
وأصدرت رابطة كليات الطب الأمريكية يوم الاثنين بيانا يؤيد الدكتور فاوتشي، قائلةً إن “أخذ اقتباساته خارج السياق لتشويه معرفته العلمية وحكمه سيضر بشكل كبير بجهود وطننا للسيطرة على الفيروس، وباستعادة اقتصادنا وإعادتنا إلى نمط حياة أكثر طبيعية”.
هل أخطأ فاوتشي؟
في شباط/ فبراير، لم ينصح الدكتور فاوتشي الأمريكيين بتغيير سلوكهم بسبب الوباء، لكنه لاحظ أن الوضع يتطور.
خلال مقابلة مع برنامج “اليوم” الصباحي في 29 شباط/ فبراير، قال الدكتور فاوتشي: “على الرغم من أن الخطر منخفض الآن، أنت لا تحتاج إلى تغيير أي شيء تفعله، وقد يتغير ذلك عندما تبدأ في رؤية انتشار المرض في المجتمع”.
آنذاك كان عدد الإصابات في الولايات المتحدة لا يتجاوز المئة حالة.
وفي أوائل آذار/ مارس، نصح الدكتور فاوتشي ومسؤولون صحيون آخرون الناس بعدم ارتداء أقنعة الوجه.
في ذلك الوقت، لاحظ أنه على الأفراد المصابين ارتداء قناع لمنع انتشار المرض.
ودافع الدكتور فاوتشي عن تعليقاته السابقة حول الأقنعة، مستشهداً بأبحاث جديدة قائلاً إن ذلك يرجع إلى مخاوف بشأن ندرة الأقنعة في حينه لدى مقدمي الرعاية الصحية.
منذ ذلك الوقت أوصى بشدة بارتداء أغطية الوجه في الأماكن العامة. وقدم الدكتور فاوتشي، وهو مسؤولٌ رسمي، لستة رؤساء – جمهوريين وديمقراطيين – المشورة بشأن القضايا الصحية، بما في ذلك وباء فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز.
وشغل منصب مدير قسم المعاهد الوطنية للحساسية الصحية والأمراض المعدية منذ عام 1984.