ناقشت صحف ومواقع عربية تعثر المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي في الوقت الذي أشارت فيه صور متداولة، التقطتها أقمار صناعية، إلى ارتفاع منسوب مياه خزان السد.
وكانت إثيوبيا قد أعلنت عدم التوصل إلى اتفاق مع مصر بشأن سد النهضة، وهو ما عبر عنه وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، في تغريدة عقب إعلان القاهرة اختتام مفاوضات عقدت برعاية الاتحاد الأفريقي.
وعلق كتابُ في صحف عربية أنه حتى الآن لم يرد تعليق إثيوبي رسمي بشأن الصور المتداولة، وأشار كتاب آخرون إلى نفي إثيوبيا عملية البدء في ملء خزان السد.
“أمر واقع”
تتساءل أحلام حسنين، في موقع “مصر العربية”، قائلة: “هل بدأت إثيوبيا ملء سد النهضة؟”
وتقول: “بعد ساعات من اختتام جولة المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي، التي استمرت 11 يوما من التباحث حول اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، دون التوصل لاتفاق حول القضايا الرئيسية، ظهرت صور جديدة التقطتها الأقمار الصناعية لخزان سد النهضة الإثيوبي”.
وتضيف: “كانت مصر قد أعلنت رفضها لأي تصرف أحادي الجانب من قبل إثيوبيا بشأن البدء في ملء خزان سد النهضة، دون التوصل إلى اتفاق يضمن الحفاظ على حقوق مصر المائية، وعدم الإضرار بحصتها في مياه النيل، مؤكدة أن مياه النيل تمثل قضية وجودية للشعب المصري، حسبما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي”.
وترى صحيفة “المشهد” السودانية أن تداول صور ملء السد “تثير الشكوك والجدل”.
وتقول الصحيفة في افتتاحيتها: “وسط انسداد أفق المحادثات الجارية منذ أيام بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا، دون التوصل لاتفاق حول سد النهضة، انتشرت صور غريبة تظهر ارتفاعا في منسوب المياه في الخزان الإثيوبي، ما أثار موجة تساؤلات على مواقع التواصل، لا سيما أن أديس أبابا أعلنت مرارا في أوقات سابقة رفضها التفاهم مع مصر والسودان على آلية ملئه”.
ويرفض حازم عياد، في صحيفة “السبيل” الأردنية، تبريرات إثيوبيا بأن “مياه الأمطار” وراء امتلاء خزان السد.
ويقول: “رغم أن التفسيرات المقدمة من بعض المحللين تشير إلى أن من ‘تحدى القاهرة ‘ هو الأمطار الموسمية وليس إثيوبيا، إلا أن الصور تؤكد أن ما يتشكل هو بحيرة كبيرة وليس مجرد سيل جارف عابر، وفي أقل من 15 يوما، ليتزامن بالصدفة مع الإعلانات المتكررة للحكومة الإثيوبية بأن عملية ملء السد ستبدأ اعتبارا من الأول من يوليو/تموز الحالي، فالأمطار الموسمية لا تعرف ولا تعي التواريخ الدقيقة هذه”.
ويضيف الكاتب: “ما نراه في الحقيقة هو تنفيذ الحكومة الإثيوبية لتهديداتها بملء البحيرة متجاهلة التحذيرات المصرية والدعوات المتكررة للالتزام بالحلول التفاوضية؛ فأديس أبابا تجاوزت عقدة الفيتو المصري لملء السد، ماضية في تمرير سياساتها المائية للتحول إلى أمر واقع، مستفيدة من موسم الأمطار الموسمية التي تحولت إلى غطاء مناسب لتمرير القرار الإثيوبي بشكل يكسبها المزيد من الوقت للمناورة وفرض سياسة الأمر الواقع”.
AFPيرى كتّاب أن إثيوبيا تتبع سياسة “الأمر الواقع” في التعامل مع أزمة سد النهضة
“تضييع الوقت”
يقول عبد الباري عطوان، في صحيفة “رأي اليوم” اللندنية: “الحكومة الإثيوبية أعلنت أكثر من مرة، وبطريقة استفزازية، أنها لن تخطر مصر والسودان بنواياها في ملء الخزان، فهذه مسألة سيادية، وهدد رئيس هيئة أركان جيشها بأن قوّاته على درجة عالية من الجاهزية للدّفاع عن السد في مواجهة أي ضربات مصرية”.
ويتابع: “سيناريوهات تضييع الوقت، بإشغال مصر والسودان في مفاوضات عبثية الواحدة تلو الواحدة ستستمر، لأنه من المفترض أن يقدم الوزراء الثّلاثة المشاركون فيها تقارير إلى رؤسائهم الذين سيشاركون في قمة مصغرة تحت رعاية رئيس جنوب أفريقيا في الأيام القليلة المقبلة، ولا نعتقد أن هذا الرئيس سينجح فيما فشل فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أحد أبرز حلفاء إثيوبيا”.
وتتحدث جيهان فاروق الحسيني، في صحيفة “الشروق” المصرية، عن “أهداف خفية” لإثيوبيا في بناء سد النهضة.
وتقول: “إذا كان الغرض الحقيقي المعلن لإنشاء هذا السد هو توليد الطاقة الكهربائية، فإن هذا الأمر فنيا لا يتطلب بناء سد بارتفاع 74 مترا، فثُلث هذا الارتفاع كاف جدا لتوليد الكهرباء، حسب الخبراء والفنيين”.
وتضيف الكاتبة: “فى إطار متابعتي عن كثب لهذا الملف المهم والحساس، يمكن القول إن بعض الأوساط الرسمية المصرية تعتقد أن إثيوبيا تسعى لأن يكون لها نفوذ سياسى وتأثير على مصر، مثلما هو حاصل الآن مع كل من كينيا والصومال، علما بأن إثيوبيا قطعت المياه عن كل من البلدين بعد بنائها السدود على نهر أومو المشترك مع كينيا، رغم وعودها لهما بعدم المساس بحصصهما المائية”.
AFPكانت إثيوبيا قد أعلنت عدم التوصل إلى اتفاق مع مصر بشأن سد النهضة
وتشير إلى أن “القاهرة تتحسب جيدا لهذا المخطط، ولن تقبل أن تكون مثالا آخر من هذه الصورة، ولن تسير فى فلك المخطط الإثيوبى الذى تسعى من خلاله أديس أبابا لبيع المياه إلى مصر، ولن تشتري حصتها من مياه النيل، التي تقدر بنحو 99 في المئة من مياه الشرب”.
“مشكلات أعمق”
يري محمد عبد العزيز، في صحيفة “السوداني” أن أزمة سد النهضة “لا تتعلق بتعبئة السد وتشغيله في الأساس، بل ترتبط بمشكلات أعمق ترتبط بأزمة تضاعف السكان في ظل قلة الموارد”.
ويضيف: “من المتوقع أن يصل سكان البلدان الثلاثة لحدود 400 مليون نسمة بحلول عام 2050”.
ويقترح الكاتب: “المفتاح الرئيسي هو عدم التركيز على كيفية ملء الخزان، ولكن بدلا عن ذلك معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة من خلال إيجاد طرق للحد من النمو السكاني، والاستثمار في تقنيات أكثر كفاءة للمياه في ري الأراضي الزراعية وتغذية خصوبة التربة عبر حوض النيل”.