Getty Images
ناقشت صحف ومواقع إخبارية عربية تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن دراسة إمكانية تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد.
وتساءل كُتاب عما إذا كان يحق للرئيس التركي اتخاذ هذه الخطوة، ورأى آخرون أن التصريحات جاءت بدوافع سياسية وليست دينية.
وقد أثارت هذه التصريحات جدلًا واسع النطاق، واستنكرت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية الخطط التركية المقترحة، واعتبرت القرار سياسيًا بوضوح، واصفة إياه بأنه “انتهاك غير مقبول لحرية الدين”، على حد تعبير الأسقف ميتروبوليت إلاريون، رئيس إدارة العلاقات الخارجية في بطريركية موسكو.
جدل حول التصريحات
نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية عن الرئيس التركي قوله: “توجيه اتهامات إلى بلدنا في مسألة آيا صوفيا هو بمثابة هجوم مباشر على حقنا في السيادة”.
على الجانب الآخر، أبرزت “الدستور” المصرية ردود الأفعال التركية المعارضة، ونشرت تقريرا بعنوان “زعيم المعارضة التركية: انقلاب مدني في تركيا.. إعلام أردوغان يُعتّم”.
ونقلت الصحيفة عن كمال كيليكدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في تركيا، قوله: “آيا صوفيا هي بالفعل مكان للعبادة وهي معلم ثقافي عالمي، ويجب الاعتراف بذلك، و(الموضوع) يتم تدويله في السياسة المحلية من وقت لآخر ولكننا لا نرغب في استغلال الدين في السياسة الداخلية”.
وأضاف: “إذا كان أردوغان يفعل ذلك لكسب الأصوات على حساب حزب الشعب الجمهوري، فيجب ألا يفكر بهذه الطريقة وليصدر مرسومًا بتحويله إلى مسجد ويعلنه في الجريدة الرسمية”.
“دوافع سياسية”
يقول سعيد الحاج في موقع “عربي21” اللندني: “الأهمية الرمزية لآيا صوفيا عابرة للأزمنة والحضارات والأديان. فالمكان يمثل رمزًا للحضارتين البيزنطية والعثمانية، وبالنسبة للمسيحيين والمسلمين، بسبب الأحداث التاريخية التي مرت بها والتغيرات التي طرأت عليها. فقد كانت الكنيسة أحد رموز الإمبراطورية البيزنطية، وقيل إنها كانت مركز إدارة المعركة مع العثمانيين، قبل أن يحولها السلطان محمد الفاتح إلى مسجد بعد فتح القسطنطينية عام 1543، ما منحها رمزية مهمة مرتبطة بالفتح في المخيال العثماني- التركي- الإسلامي حتى يومنا هذا”.
ويتساءل: “هل قضية آيا صوفيا دينية أم سياسية أم قضائية؟”.
ويتابع: “على مستوى الحزب والحكومة تبدو الدوافع سياسية أكثر منها دينية أو قانونية، وإن كانت تبني بالتأكيد على عاطفة ورغبة شعبيتين، كما أن القرار الأخير سيكون للحكومة التي يمكن أن تلجأ (بعد القضاء) لتشريع من البرلمان يدعم أي توجه مستقبلي لها”.
ويتساءل جورج عيسى في “النهار” اللبنانية عن ثمن قرار تحويل المتحف إلى مسجد.
ويقول: “ليست هذه المرة الأولى التي يطرح فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إعادة تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد. درجت العادة أن يظهر هذا المقترح عند الاستحقاقات الانتخابية، ثم يجمد بعد انتهائها”.
ويضيف: “قبل الانتخابات البلدية في آذار 2019، طرح أردوغان هذا المطلب. كانت استطلاعات الرأي ترجّح خسارة الحزب الحاكم البلديّات الكبيرة، فاستخدم على الأرجح هذا الطرح كإحدى الأوراق السياسية لتعزيز شعبيته بين الإسلاميين والقوميين. ومع أن هذه الورقة لم تثمر سياسيّاً في صناديق الاقتراع حينها، يمكن أن يكون أردوغان في إطار إعادة تفعيلها بشكل نهائيّ ليتذكرها محازبوه على أنها القرار الأبرز في مسيرته الرئاسية”.
Getty Imagesيتهم البعض الرئيس أردوغان بأنه يحاول “الهروب من أزماته الداخلية” بإثارة الجدل حول متحف آيا صوفيا
ويتهم مالك العثامنة في موقع صحيفة “الرؤية” الإماراتية الرئيس التركي بالهروب من “أزماته الداخلية” من خلال هذه التصريحات.
ويقول الكاتب: “فكرة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد كانت دوماً مطالبة لجمعية دينية سلفية متطرفة في إسطنبول، اسمها جمعية شباب الأناضول الإسلامية، والتي نادت منذ صيف عام 2014 بتحويل الكنيسة إلى جامع بإعلان رسمي من الدولة. أردوغان تبنى حينها موقف الجمعية ضمنيًا، والتي قامت بحملة شرسة تحت شعار ‘أحضر سجادتك وتعال‛ مع جمعها 15 مليون توقيع لترسيخ مطلبها، الذي لا تجد له معنى في مدينة ممتلئة بالمساجد في كل حارة وكل حي”.
وأضاف: “تم تأجيل التنفيذ إلى اليوم، ليعلن أردوغان الذي يتقن إثارة الأزمات للهروب من أزماته الداخلية، حربًا دينية وعقائدية ضمن حروبه غير المنطقية على كل جيرانه من حوله بكل الاتجاهات.. أردوغان ماهر بإشعال النيران، التي لا يعرف أحد منتهاها في عالم ضجر من العبث”.