انفجار بيروت: دلالات زيارة ماكرون و”مطلب عودة الانتداب الفرنسي للبنان”

بعد انفجار مرفأ بيروت، بادرت دول عربية وغربية بالتعبير عن تضامنها وتقديم التعازي والوعد بدعم بيروت، وأرسل بعضها طائرات محملة بالأدوية والأغذية بينما تكفلت أخرى برعاية عدد من الجرحى. لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرر أن يسبق الكل بزيارة “بيروت المنكوبة” وشعبها .

Getty Images

قبل الزيارة غرّد ماكرون تضامنا مع لبنان باللغتين الفرنسية والعربية، وأثناء الزيارة غرّد “بحب لبنان” باللهجة اللبنانية.

أعبرُ عن تضامني الاخوي مع اللبنانيين بعد الانفجار الذي تسبب بعدد كبير من الضحايا هذا المسأ في بيروت وخلّف اضرارٍ جسيمة.
ان فرنسا تقف الى جانب لبنان دائماً.
هناك مساعدات واسعافات فرنسية يتمّ الان نقلها الى لبنان./.

— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) August 4, 2020

بحبك يا لبنان !

— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) August 6, 2020

لبنان ليس وحيداً

— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) August 6, 2020

“مطلب عودة الانتداب الفرنسي للبنان”

نزل ماكرون ببيروت فاستقبله البعض استقبال البطل وطالبوه “بإنقاذهم” من الوضع الذي ينحدر نحو هوّة أعمق بفعل الانفجار، وقد كان قبله على شفا الانهيار بسبب الأزمة الاقتصادية.

حتى أن عشرات الآلاف وقعوا خلال ساعات عريضة تدعو إلى عودة الانتداب الفرنسي إلى لبنان.

وتداول البعض صورة “مهيبة” لماكرون مصحوبة بعبارة” تعا وجيب الانتداب معك” .

تعا وجيب معك الإنتداب، ما بقى بدنا هالإستقلال pic.twitter.com/KKF3leSjC1

— Carmen Lebbos (@C_lebbos) August 5, 2020

ولم يمر “الطلب” طبعا دون انتقاد بلغت حدة لهجته التخوين، بينما اكتفى البعض بتأكيد رفضهم لكل احتلال من أي جهة.

لا بدنا انتداب فرنسي ولا ايراني ولا سعودي ولا اميركي ولا روسي…
بدنا لبنان وقادرين نرجّع🇱🇧وبدل الانتداب بدنا مواطنة عند غالبية الشعب ووعي ومحاسبة وبلا كيدية سياسية ومذهبية حاقدة وبنفس الوقت الاستفادة من الخارج لمصلحة بلدنا وسيادتنا مش انبطاح!#انفجار_مرفأ_بيروت #ماكرون pic.twitter.com/UEq2ZkG4M5

🇱🇧 Rachel Karam 🇱🇧 (@KaramRachel) August 6, 2020

عدد الموقعين على الطلب لم يتجاوز خمسين ألفا، ما يمثل نسبة ضئيلة من عدد سكان لبنان الذي يقدر بنحو سبعة ملايين.

الطلب ليس رسميا، لكنه ذو دلالة. وبغض النظر عما إذا كان جديا أو تعبيرا عن الغضب، فهو رسالة واضحة من موقّعيه إلى حاكميهم.

ومفاد الرسالة أنهم يعتبرون العيش تحت الاحتلال أهون من معيشتهم في الوضع الراهن في لبنان المستقل.

انا مع التدخل الفرنسي
زعماءنا فقرونا وجوعونا ومرضونا وموتونا على أبواب المستشفيات
حرمونا من ادنى حقوقنا
صار المواطن كل همو بس كيف يقدر يامن رغيف الخبز لاولاده .
الشعب عم يعمل كل واجباتو بيدفع ضرائب وبيتحمل وبيطول بالو وبالمقابل ما عم يحصل على حقوقو
بس واخرتها لوين؟؟ pic.twitter.com/dcSEQdz6Dx

— Cilia (@CicitD) August 6, 2020

دلالات زيارة ماكرون

صور زيارة ماكرون إلى بيروت كانت لها قراءات متعددة من ناظريها، وقد تعني نجاح ماكرون في إيصال ما أراد للبنانيين وغيرهم.

مشهد الاحتفاء بماكرون في #لبنان اليوم كمنقذ ومخلص بقدر ما يثير الحسرة والألم على ماوصلنا إليه بقدر ما قد يكون صدمة نفيق معها إلى ضرورة العمل معا بجدية لوقف الانهيار الذى يضرب أنحاء منطقتنا. لا أملك سوى أن أكرر الدعوة إلى إعمال العقل والاستماع لمطالب الشعوب قبل أن يجرفنا التيار

— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) August 6, 2020

وقارن معلقون على الزيارة ربطة عنق ماكرون السوداء، التي ترتدى في الحداد عادة، وهو يطأ أرض مطار بيروت بربطة العنق الزرقاء التي ارتداها مٌستقبِله، الرئيس اللبناني ميشال عون.

Who is wearing the mourning tie? #ماكرون#انا_افتخر_برييسي pic.twitter.com/O940ZpOfu7

— Nagham (@Nagham_n93) August 6, 2020

وراقب اللبنانيون أيضا كلمات ماكرون وحركاته في حضور عون٫ والتي بدت فيها سيطرة ماكرون.

هذه السيطرة فسرها البعض بـ”امتثال عون لبروتوكول فرنسي” وفسرها آخرون بضعف موقف عون الذي يحمله كثيرون مسؤولية ما يحدث في البلد الذي يرأسه.

ترك ماكرون عم يحكي و مشي !!!! عاساس يلي نفجرت و تدمرت باريس مش بيروت !!!!!

كتير بهدلة للبلد انت كتير !! #بيروت_في_قلوبنا #بيروت_منكوبة #بيروت_عم_تبكي #ماكرون #امونيا_حزب_الله_تحرق_بيروت pic.twitter.com/aI4KdSRPat

— رينة من لبنان Ręÿńã 🇱🇧 (@Reynadnw) August 6, 2020

ومقابل “طلب عودة الانتداب” والترحيب والتهليل بزيارة ماكرون٫ ارتفعت أصوات الداعمين للرئيس اللبناني ميشال عون تحت وسم #أنا_أفتخر_برئيسي .

فمنهم من دافع عنه حبا فيه وإيمانا بأنه الأقدر وإن أخطأ، ومنهم من دعا لاحترامه بصفته الرئيس وفي إطار ما وصفوها بالوطنية.

حتى لو ضدد سياسة رئيسك
حتى لو بنظرك رئيسك فاسد
حتى لو ما بدك هالرئيس
بس احترام رئيسك واجب لانو احترام لا نفسك ولا بلدك مفروض اذا سمعت غريب عم يسب رئيسك او بلدك تتحرك فيك الغيرة الوطنية وما تسمح بهالتطاول متل كل دول العالم. #انا_افتخر_برييسي

— DianaHR (@DianaHR2020) August 7, 2020

افتخر بالرئيس العماد ميشال عون
رئيس لم ولن ينحني في زمن المصالح لا يباع ولا يشترى…. #أنا_أفتخر_برئيسي🧡pic.twitter.com/QXi5ynLPLE

— YoMnA ~ بنت الأرض ||🇱🇧 (@YoMnA___nanaaaa) August 7, 2020

نزل ماكرون إلى شوارع بيروت والتحم بالناس الذين أطلقوا الصيحات مطالبين بإسقاط النظام.

ورأي مغردون أنه فعل ما كان “أولى بالرئيس اللبناني فعله”، ولو أن هناك من فسر عدم نزول السياسيين اللبنانيين إلى الشارع بتفادي غضب قد يزيد الأمور تعقيدا.

6/8/2020من غرائب الامور ان يصل ماكرون الى مرفأ بيروت مع وزير خارجيته دون مرافقة رسمية من اي مسؤول لبناني رفيع المستوى ،…

Posted by Akram Khuzam on Thursday, August 6, 2020

Respect .#ماكرون pic.twitter.com/rED2HsgQgL

— siham soufi (@siham__soufi) August 6, 2020

U are Amazing
Remember That 🙏🏻😍❤🇱🇧🇨🇵#ماكرون #EmmanuelMacron @EmmanuelMacron
🙌🏼❤😍pic.twitter.com/QxtBDL3w1c

🇫🇷🇱🇧Myriam♌✝ (@243_mimi) August 6, 2020

وأمام وعد ماكرون بمساعدة اللبنانيين طلب منه مستقبلوه أن لا يسلم أموال المساعدة للحكومة وأن توزعها فرنسا بمعرفتها، فوعد بأنه كذلك سيفعل.

مواطنة تطلب من الرئيس #ماكرون ان لا يقدم المال مباشرة للحكومة وأن يدعم الشعب فقط.وبتقله لان وصلنا للاخر وعم يقتلونا..
برد الرئيس::ما تحملي هم…
اديه بتسوى للزعماء عنا هيك بهدلة انو
شعبك يشكيك عند زعيم دولة تانية؟؟#لبنان_منكوب pic.twitter.com/lSnNIK53qL

— mazen khaled (@mazenalkhaled) August 6, 2020

وقد يختصر هذا الطلب دلالات الرسائل التي استقبلها ماكرون من بعض اللبنانيين بدءا بالعريضة: هم لا يثقون في حكومتهم ويحملونها مسؤولية ما حدث وما يحدث.

ووعدت الحكومة اللبنانية منذ يوم الانفجار بالتحقيق الجدي وبمحاسبة المسؤولين عن هذه الفاجعة.

وأصدرت قرارات بوضع مسؤولين تحت الإقامة الجبرية وتجميد أرصدتهم، وأعلن القضاء العسكري توقيف ستة عشر من موظفي ميناء بيروت على ذمة التحقيق.

عن مقاصد زيارة ماكرون

وبعيدا عن الجانب الشعبي من زيارة ماكرون٫ فالرجل رئيس الجمهورية الفرنسية ولم يزر لبنان بصفته الشخصية بل بصفته الرسمية وتحدث باسم فرنسا ووعد بدعم فرنسي للبنان، فالزيارة في هذا الإطار تحرك دبلوماسي وصفه كثيرون بالذكي، وتمنوا لو أنه صدر عن رئيس عربي “بدل الاكتفاء بإرسال المساعدات وبرقيات التعازي” .

كما تعزز خطوة ماكرون مكانته داخل بلاده وخارجها، وقد تتيح له أولوية ومكانة فضلى في مشروع إعادة إعمار ما دٌمّر في بيروت، وهو الذي أعلن بالفعل رعاية مؤتمر دولي لمساعدة لبنان.

خطاب ماكرون الذي ألقاه بعد جولته في المدينة٫ كان واضحا، وقال فيه “إن التمويل متاح للبنان لكن يتعين على قادته تنفيذ الإصلاحات أولا”.

وفتحت كلمات ماكرون الباب أمام تكهنات حول كيفية استفادة فرنسا من أزمة لبنان سياسيا واقتصاديا.

وتراوح الحديث عن هذا بين اتهام فرنسا بالاستغلال و”الصيد في المياه العكرة”، وبين القول إن هذه قوانين الدبلوماسية وأحكام السياسة.

خاصة أن الحديث عن لبنان في إطار العلاقات الخارجية يرتبط بالضرورة بوجود حزب الله ضمن تركيبته السياسية وما يمثله من أسباب للخلاف بين الدول المعنية بالشرق الأوسط.