Getty Images
أظهر تقرير جديد اطلعت عليه بي بي سي أن أهداف اتفاقية باريس للمناخ باتت “في متناول اليد”.
ودرست مجموعة “تعقب العمل المناخي” التعهدات الجديدة التي قدمتها الصين ودول أخرى بخصوص المناخ إلى جانب خطط الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن المتعلقة بتقليل الانبعاثات الكربونية.
ومن شأن هذه التعهدات تثبيت الارتفاع في درجات حرارة الكرة الأرضية عند 2.1 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الجاري.
وكانت التقديرات السابقة تشير إلى ارتفاع درجات الحرارة قد يبلغ نحو 3 درجات مئوية، وهو ما ستكون عواقب كارثية.
غير أن الخبراء قلقون من أن هذا التفاؤل طويل الأجل غير مصحوب بخطط قصيرة الأجل لخفض انبعاثات ثاني أكيد الكربون.
وكان الباحثون في المجموعة قد عكفوا على مدى أكثر من عقد كامل على مراقبة ما تعنيه التعهدات الدولية الجماعية بخفض انبعاثات الكربون بالنسبة لكوكبنا الذي يشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة.
فبعد فشل قمة كوبنهاغن عام 2009، قدرت المجموعة ارتفاع درجات حرارة الكرة الأرضية بنحو 3.5 درجة مئوية مع نهاية القرن.
BBCتوقعات انخفاض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري حتى عام 2100 وفقاً لتعهدات الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وآخرين
غير أن التوصل لاتفاقية باريس للمناخ عام 2015 – والتي تهدف لتفادي ارتفاع درجة الحرارة بصورة خطرة- كان له أثر كبير. ونتيجة للاتفاقية الدولية، بدأت دول العالم تدريجياً في التخلي عن استخدام الوقود الأحفوري.
وفي سبتمبر/ أيلول من هذا العام، خلصت المجموعة إلى أن العالم يتجه نحو ارتفاع في درجة الحرارة بنحو 2.7 درجة مئوية بحلول عام 2100.
ولا يزال هذا الرقم أكبر من الهدف المنشود في نص اتفاقية باريس وهو درجتان مئويتان، كما لايزال بعيداً عن هدف الـ 1.5 درجة مئوية الأكثر تحدياً والذي وضعه العلماء عام 2018 باعتباره عتبة الاحتباس الحراري المدمر.
ويرجح “التحليل المتفائل” للمجموعة الآن ارتفاعاً بنحو 2.1 درجة مئوية بحلول عام 2100.
ما الذي تغير؟
شهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة تطورات مهمة. ففي سبتمبر/ أيلول قال الرئيس الصيني تشي جي بينغ للإمم المتحدة إن بلاده ستصل إلى صافي صفر من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2060 وإن هذه الانبعاثات ستبلغ ذروتها قبل عام 2030.
ووفقاً لمجموعة تعقب العمل المناخي، يمكن لذلك أن يقلل الاحتباس الحراري بما بين 0.2 إلى 0.3 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.
كما حذت اليابان وكوريا الجنوبية حذو الصين وتعهدتا بالوصول إلى صافي صفر من الانبعاثات الكربونية بحلول 2050.
وكذلك أعلنت جنوب أفريقيا وكندا عن أهدافها الخاصة في هذا الشأن.
ويمثل انتخاب جو بايدن في الولايات المتحدة تغييراً مهماً آخر.
إذ يعد التعامل مع قضية التغير المناخي جزءاً مهماً من أجندته. ووعد بتخفيض انبعاثات الولايات المتحدة الكربونية إلى الصفر بحلول عام 2050. ومن شأن هذه الخطوة خفض درجات الحرارة العالمية بـ0.1 درجة مئوية بحلول عام 2100.
” لدينا الآن هدف بخفض أكثر من 50% من الانبعاثات العالمية -التي تتحمل الدول الكبرى مسئوليتها- إلى صفر بحلول منتصف القرن”، كما يقول بيل هير الباحث في مؤسسة “تحليلات المناخ” والذي ساهم في بحث مجموعة “تعقب العمل المناخي”.
” عندما تضيف كل ذلك، جنباً إلى جنب مع ما تفعله مجموعة كاملة من البلدان الأخرى، سيتراجع الإرتفاع في درجة الحرارة من حوالي 2.7 درجة مئوية إلى ما يقرب من درجتين مئويتين”.
وقال هير لبي بي سي نيوز ” مازال أمامنا طريق للوصول إلى هدف اتفاقية باريس، لكنه تطور كبير بالفعل”.
Reutersالرئيس الأمريكي المنتخب اختار وزير الخارجية الامريكي السابق جون كيري مبعوثاً لشؤون المناخ
صعوبات محتملة
يقول باحثو المجموعة إنهم اتبعوا نهجاً محافظاً إلى حد ما لكنهم يقرون بأن تحليلهم المتفائل تصحبه محاذير كبرى.
وتتمثل المشكلة الأكبر في رأيهم في أن الخطط قصيرة الأجل لخفض انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 لا تفي بالغرض.
ويقول نيكلاس هوني الباحث في معهد المناخ الجديد والذي شارك كذلك في تحليل تعقب العمل المناخي، لبي بي سي “الأهداف طويلة الأجل سهلة لكنها بعيدة بينما الأهداف قصيرة الأجل تتعلق بما يجري في الوقت الراهن وتؤثر على المواطنين، وعلى الناخبين. ولهذا السبب هي أكثر صعوبة الوفاء بها”.
Reutersتعرض السياسيون لضغوط من قبل المتظاهرين-ومن بينهم الناشطة السويدية غريتا ثورنبرغ للتحرك بشأن التغير المناخي
ومن المتوقع أن تقدم الدول الموقعة على اتفاقية باريس خططها الجديدة بشان خفض انبعاثات الكربون لعام 2030 بحلول نهاية العام الجاري.
وينتظر أن تقوم عدد من الدول بذلك، ومنها المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.
غير أن العديد من البلدان لاتزال مترددة في تحديد أهدافها، ولاتزال العديد من الدول الأكثر فقراً تتطلع للاستثمار في الفحم الحجري.
” لاتزال هناك دول تتصرف بشكل سيء، ومن بينها السعودية والبرازيل وأستراليا وروسيا وعدد قليل من الدول الأخرى”، كما يقول بيل هير.
” هناك أيضاً عدد من محطات توليد الكهرباء التي تعمل على الفحم في القارة الأسيوية وهي لم تتوقف، وبالتالي لدينا الكثير مما يدعو للقلق. وهناك الكثير من الأمور التي يمكن أن تتطور بشكل سيء”.
ماذا عن استجابة الدول لأزمة كوفيد 19؟
بحسب المراقبين، تمثل استجابة الدول لأزمة لكوفيد 19 فرصة هائلة لتوجيه إنفاقها على المدى القصير إلى الطاقة المتجددة وخفض انبعاثات الكربون أكثر.
” أتاح الوباء فرصة للدول لا لتحدد أهدافها على المدى الطويل فقط، بل لتسير في الاتجاه الصحيح لكي تستطيع تحقيق هذه الأهداف”، كما تقول الدكتورة ميسا روخاس مديرة مركز أبحاث المناخ والتكيف في جامعة تشيلي بسانتياغو.
وتضيف ” هل سنستغل هذه الفرصة؟ انطباعي هو أن الكثيرين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، سيستغلونها”.
هذا الخبر اتفاقية باريس للمناخ: أهداف الأمم المتحدة صارت “في متناول اليد” ظهر أولاً في Cedar News.