Getty Images
ناقشت صحف عربية الخطاب الأخير لأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله، والذي دعا فيه إلى “الجهاد الزراعي والصناعي” لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية.
ويواجه لبنان أزمات اقتصادية ومالية وسياسية طاحنة تؤثر على شتى مناحي الحياة في البلاد منذ اندلاع مظاهرات مناهضة للفساد في البلاد.
“خطاب الطماطم والخيار”
يقول أحمد خواجة في صحيفة لبنان الجديد: “أصرّ السيد نصرالله على إشاحة النظر عن الفاسدين وناهبي المال العام، وهم باتوا على كلّ شفة ولسان، يُعرفون بالأسماء والعناوين، يشغلون المناصب الحكومية والنّيابية والقضائية والأمنية”، مضيفاً أنه “يُشيح النّظر عنهم، ويدعو اللبنانيين إلى “جهاد” زراعي وصناعي وتجاري، ولربما يدخل التهريب في نطاق هذا الجهاد”.
ويضيف خواجة: “وكأنّ المواطنين الصابرين الغافلين كانوا طوال العقود الثلاثة الماضية عن الزراعة غافلون، وعن الصناعة سادرون، وعن التجارة لاهون. هؤلاء المزارعين وعُمّال المصانع والحرفيّين وصغار الكَسَبة، ليسوا بحاجة إلى من يُرشدهم اليوم إلى خبايا مهنتهم وفنون صناعتهم وأساليب إدارتها، هم اليوم بأمسّ الحاجة إلى من يضرب بيدٍ من حديد على أيدي الفاسدين وناهبي المال العام، ومن أكل الزّرع وأهلك الضّرع، وعاث فسادا وطغيانا وكفرا، الفاسدون يا سيد يُعرفون بسيماهم، في صفوف الأحزاب (ولا تنزيه لأحد بما فيه الحزب الذي تتولّى أمانته يا سيد)، القابعون على كراسي الحكم، وهم من أقرب حُلفائك حتى أبعد مُناوئيك ومعارضيك”.
وتحت عنوان “نصرالله .. وخطاب الطَّماطم والخيار”، يقول أحمد عبدالعزيز الجارالله في صحيفة السياسة الكويتية: “يطلب نصرالله من اللبنانيين زراعة شرفاتهم وأسطح بيوتهم بالخضار والحبوب “طماطم وخيار” لمواجهة الحصار الذي يزعم أن الولايات المتحدة الأمريكية فرضته، بينما حزبه يمنع عليهم زراعة أراضيهم في جنوب لبنان بعدما سبقهم إلى زراعتها بالألغام والقنابل العنقودية التي رمتها الطائرات الإسرائيلية على مختلف المناطق بسبب مغامراته العبثية، وكان نبتها موتا ودمارا على ساكنيها”.
ويتساءل الجارالله “أَلمْ يكن أَوْلَى بالسيد المأزوم إيقاف زراعة المخدرات وتصنيعها وتهريبها، والسماح لأصحاب الأرض بزراعة الغلال التي يعتاشون منها بكرامة وعزة نفس طالما زعمها؟”
ويضيف الكاتب: “لا نكشف سرا إذا قلنا إن نار الجوع التي يتلظى بها اللبنانيون اليوم هي من صنع يدي هذا الأفاك، ولا بد أن يأتي يوم ليس بعيدا يُسحل فيه نصرالله في الشوارع كما سحل العراقيون الملك فيصل ونوري السعيد وعبد الكريم قاسم، وعندها فقط سيدرك الإرهابيون ماذا جنت أيديهم”.
- لبنان: لماذا تردت أحوال الناس المعيشية لهذا الحد؟
وتحت عنوان “حزب الله يعيد لبنان إلى زمن ما قبل الكهرباء”، تقول صحيفة القبس الكويتية إن “أمين عام حزب الله أثار سخرية اللبنانيين، لا سيما من بيئته الحاضنة عندما دعا إلى الجهادَين الزراعي والصناعي”.
وتضيف القبس: “الناس يريدون أن يعملوا بشهاداتهم واختصاصاتهم، ويريدون أموالهم المحتجزة في البنوك ويريدون محاربة الفساد، وليست الزراعة التي هي مسؤولية الدولة، التي يجب أن تنمّي هذا القطاع المهم وتدعم المزارعين على حساب جشع التجار المحسوبين على الزعماء”.
وتشدد الصحيفة أن “حلول نصرالله لمنع الانهيار أو الجوع من خلال المقاومة الزراعية لن تنقذ لبنان من أزماته، ولو أصبح اللبنانيون كلهم مزارعين. أما كلامه في الشق السياسي-الاقتصادي سواء عبر تحفيزه التوجه شرقا أو في توعُّده الإدارة الأمريكية، فهو يحرج أولا حليفه التيار الوطني الحر الذي يمشي بين النقط في هذا الملف”.
Getty Images
يشهد لبنان أزمة اقتصادية طاحنة
“نصر الله أصاب اقتصاديا”
يثني عمر عبد القادر غندور في صحيفة البناء اللبنانية على دعوة نصرالله، موجهًا سهام نقده لكل من قلل من أهمية الجهاد الزراعي والصناعي، قائلاً: “مَن عنده من البدائل غير التي طرحها سماحته فليقدّمها، بدلاً من ترداد ما يروّجه أعداء لبنان من غير وعي وتفكير”.
وتحت عنوان “نصر الله أصاب اقتصاديا”، يقول عبدالستار قاسم في صحيفة رأي اليوم اللندنية: “أصاب السيد حسن عندما طلب من الناس الاستثمار في كل بقعة أرض يمكن أن تُنبت شيئا مفيدا. مساحة لبنان صغيرة، لكنها أكبر من الضفة الغربية، والمجال واسع في لبنان والضفة للتوسع الزراعي. ولكن للأسف، توجه الناس بصورة كبيرة إلى الوظائف والرواتب على حساب الأرض، وكان هذا نتاج السياسات الاقتصادية الفاشلة”.
كما يثني عبدالباري عطوان في الصحيفة ذاتها على “إعلان نصرالله للجهاد الزراعي والصناعي في كل بقعة في لبنان لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مواجهة الحصار الأمريكي الجائر الهادف إلى تجويع لبنان وتركيعه وإذلاله”، مؤكدا أنهما “الطريق الأقصر للكرامة وخروج لبنان من أزماته”.
ويؤكد عطوان أن “العودة إلى الزراعة والصناعة لا تعيب الشعب اللبناني، كما أن توجُّه حكومته إلى الشرق، أي الصين وماليزيا وروسيا والعراق وسوريا وإيران، لا يعيبها أيضًا، في ظل الغطرسة والفجور والإملاءات الأمريكيّة، وتجاوزات السفيرة الأمريكيّة الوقحة التي ما كان لها أن تبقى في لبنان ساعة واحدة بعد تطاولها على المقاومة وسلاحها وقيادتها”.
ويضيف الكاتب أن “ما جاء في خطاب السيد نصر الله هو صرخة حق شجاعة، وطرحًا لأفكار تقدّم الحلول والخيارات الصّحيحة للخروج من الأزمات، ليس للبنان فقط وإنّما للأمّتين العربية والإسلامية، ونتمنّى عليه في المستقبل أن لا يعير رجالات أمريكا، وانقاداتهم أي اهتمام، فهؤلاء مثل الزبد الذي يذهب جفاء مع احترامي لكل الاعتبارات التي تدفعه إلى ذلك، فالمعركة المقبلة كبيرة وشرسة ومصيرية، وتحتّم تجاهُل هؤلاء.. أو هكذا نعتقد”.