مساء الرابع من أغسطس، دخلت العاصمة اللبنانية في غيبوبة تدميرية لا مثيل لها، إذ عصف بها انفجار عنيف ودمّر أجزاء كبرى منها، ما أسفر عن عشرات القتلى وآلاف الجرحى، وتشريد نحو 300 ألف شخص.
وقد أعلنت السلطات اللبنانية ان الانفجار نتج عن حريق اندلع بمستودع في العنبر الرقم 12 في مرفأ بيروت، تخزن فيه منذ سنوات نحو 2750 طناً من نيترات الأمونيوم «من دون أي تدابير للوقاية». وكانت المادة مخزنة في المرفأ، بعد مصادرتها من قبل القضاء اللبناني منذ عام 2014، حين وصلت سفينة إلى مرفأ بيروت، حيث تبيّن، بعد عطل أصابها، وجود 2750 طناً من «نيترات الأمونيوم» فتمّت مصادرتها وحجزها في العنبر 12.
قبطان سفينة الشحن«روسوس»الروسي بوريس بروكوشيف، خرج عن صمته، أمس، وقال في تصريحات عبر الهاتف لصحيفة«نيويورك تايمز»، من منتجع على ساحل البحر الأسود حيث بدأت السفينة رحلتها عام 2013:«لقد شعرت بالرعب بعد مشاهدة الانفجار».
وأضاف أن«السفينة التي كانت ترفع علم مولدوفا، استأجرها رجل أعمال روسي يعيش في قبرص يدعى إيغور غريتشوشكين، لنقل شحنة نيترات الأمونيوم تزيد على 2000 طن إلى ميناء بيرا في موزمبيق»، مشيراً إلى أن«السفينة انطلقت من ميناء باتومي على البحر الأسود في جورجيا، وتوقفت في تركيا بسبب خلاف البحارة السابقين على الراتب، وتم التعاقد معي لاستكمال الرحلة من تركيا إلى موزمبيق مقابل مليون دولار».
وأكد القبطان أنه لم يستطع عبور قناة السويس، لأن المالك أخبره أنه لم يعد قادراً على تأمين المال الكافي لدفعه، وطلب منه التوجه لميناء بيروت لتحميل شحنة آلات ستوفر لهم الأموال اللازمة لعبور قناة السويس، لافتاً إلى أن السفينة وصلت إلى لبنان بعد شهرين من إبحارها من جورجيا.
وذكر أنه عندما وصل إلى بيروت وجد أن السفينة لن تتمكن من تحميل هذه الآلات، لأنها قديمة وبلغت من العمر بين 30 – 40 سنة ولم تعد تتحمل المزيد من الأوزان.
وحينها، بحسب رواية القبطان، وجد المسؤولون اللبنانيون أن السفينة غير صالحة للإبحار واحتجزوها لعدم دفعها رسوم الرسو، وعندما حاول البحارة الاتصال بمالك السفينة، للحصول على المال للوقود والمواد الغذائية وغيرها من الضروريات، فشلوا في الوصول إليه. وقال بروكوشيف:«على ما يبدو أنه ترك السفينة التي استأجرها».
وأشار إلى أن ستة من أفراد الطاقم عادوا إلى منازلهم، لكن المسؤولين اللبنانيين أجبروه وثلاثة من أفراد الطاقم الأوكراني على البقاء حتى يتم حل مشكلة الديون. وطبقاً لمحاميهم، فإن قيود الهجرة اللبنانية منعت الطاقم من مغادرة السفينة، وكافحوا من أجل الحصول على المواد الغذائية والإمدادات الأخرى.
وصرح بروكوشيف بأن مسؤولي الموانئ اللبنانية أشفقوا على الطاقم الجائع وقدموا الطعام، لكنه أضاف أنهم لم يظهروا أي قلق بشأن شحنة السفينة شديدة الخطورة، قائلاً:«لقد أرادوا فقط الأموال التي ندين بها».
وفي النهاية اضطر القبطان إلى بيع وقود السفينة واستخدام عائداته لتكليف مكتب محاماة لبناني بالدفاع عنهم. وحذر المحامون السلطات اللبنانية من أن السفينة معرضة لخطر«الغرق أو التفجير في أي لحظة». وبالفعل أمر قاضٍ لبناني بإطلاق طاقم السفينة لأسباب إنسانية عام 2014، بينما تم نقل الشحنة إلى العنبر 12 وبقيت هناك حتى يوم الانفجار.
وشدّد على أن المسؤولين اللبنانيين أخطأوا عندما أصرّوا على حجز القارب والاحتفاظ بشحنة نيترات الأمونيوم في الميناء بدلاً من نشرها في الحقول، مضيفاً أنه علم أن السفينة غرقت في 2015 أو 2016، مشيراً إلى أنه تفاجأ بأن الانفجار تأخر كل هذا الوقت.
الراي