غداة سقوط أحد عناصره في الغارة على دمشق.. هل يردّ «حزب الله» على إسرائيل أم يتجرّع الضربة؟

إلى الحدود اللبنانية – الاسرائيلية دُرْ! فمن خلف ظهْر «السيل الجارف» من الأزمات في «بلاد الأرز» بشقّيْها السياسي والمالي، عادتْ الجبهةُ المستكينة بين «حزب الله» وتل ابيب إلى الواجهة على وقع المَخاوف من انزلاقها إلى تسخينٍ قد يَخْرُج عن السيطرة.

وجاء هذا «الخطرُ» الجديد من بوابة مصرع أحد عناصر «حزب الله» (علي كامل محسن جواد) في الغارة التي نفّذتْها اسرائيل الاثنين في محيط العاصمة السورية، وتولّى الحزب الإعلان الصريح عن أنه «ارتقى جراء القصف الجوي على محيط مطار دمشق»، وسط تَعاطٍ مع هذا التطور على أنه تحضير الأرضية الإعلامية و«النفسية» لردٍّ على قاعدة المعادلة التي أرساها السيد حسن نصرالله في اغسطس 2019 بحتمية الردّ على سقوط أيّ من مقاتليه في لبنان أو خارجه، باستهداف من تل ابيب.
وانشغلت بيروت وعواصم عدة، أمس، بالعنوان المستجدّ الذي يأتي في لحظة المنازلة الشرسة بين واشنطن وطهران والمخاطر المرتفعة للعب بالنار فوق «برميل البارود» في المنطقة، وسط رصْدٍ لكيفية إدارة «حزب الله» هذا الاستحقاق الذي يبدو محكوماً بمقاربتيْن: الأولى أن الردّ في هذه المرحلة الفاصلة عن التمديد لـ «اليونيفيل» (أواخر الشهر المقبل) وعن السباق الرئاسي الأميركي قد يعطي تل أبيب وواشنطن، ذريعة تسهّل مهمة تعديل ولاية القوة الدولية أو تستدرج حرباً تستفيد منها إسرائيل لفرْض وقائع جديدة تذهب أبعد من منطوق القرار 1701، وذلك تحسباً لخسارة الرئيس دونالد ترامب الانتخابات.
والثانية أن أي تلكؤ عن الردّ سيُفسَّر على أنه ضعف يمكن أن يشجّع الاسرائيلي على التمادي في استراتيجية الغارات التي تقتصر حتى الساعة على الأراضي السورية، وتمديدها في اتجاه مواقع للحزب في لبنان سبق لتل أبيب أن أعلنت أنها مراكز لصواريخه أو لتطوير صواريخ دقيقة.
وإذ أشارت تقديراتُ أوساط مراقبة إلى أن «حزب الله» بات خبيراً في كيفية تسديد ضربات «مُدَوْزنة» على ايقاع حساباته الاستراتيجية ومن دون الانجرار إلى «معارك بتوقيت العدو» وبما يوجّه الرسالة المطلوبة، رأت أن هذا الاختبار العسكري – الأمني يكتسب هذه المرة أبعاداً مغايرة في غمرة الانهيار المالي في لبنان وارتسام مسارٍ للحلول يلْقى توافقاً عربياً ودولياً عنوانه خروج السلطة من دائرة تأثير الحزب والإصلاحات، وهو ما يجعل أي خيارٍ سيلجأ إليه الحزب رداً على مقتل عنصره يُقاس في هذا الميزان البالغ التعقيد.
وفي حين يُفترض أن يكون هذا الملف حضر أمس، في لقاء رئيس الحكومة حسان دياب مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا، لن تغيب وضعية «حزب الله» والموقف الدولي من ضرورة النأي بلبنان عملياً عن صراعات المنطقة عن محادثات وزير الخارجية الفرنسي جان ايف – لودريان الذي وصل أمس الى بيروت.
وسيشكل «حياد لبنان» الذي يَمْضي في رفع لوائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عنواناً رئيسياً في مباحثات لودريان مع رأس الكنيسة الذي يزداد «التصويب» عليه من رجال دينٍ قريبين من «حزب الله» يجاهرون برفْض هذا الطرح حدّ تخوين البطريرك، وهو ما أنْذر بمناخاتِ استقطاب طائفي وبإحراجاتٍ دفعت التيار الوطني الحرّ لرفض التطاول على الراعي، الذي لفت أمس استقباله العلامة السيد علي الامين، الذي أكد «دعم موقف البطريرك (…) وما يُقصد بالحياد هو الدولة التي تبسط سيادتها على كامل اراضيها (…) هو الشخصية المستقلة التي تخرج الوطن من كونه ساحة للصراعات والنزاعات (…)».
من جهته، اعتبر الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة أن «هناك مَن ورّط لبنان في صراعات المنطقة وبالتالي أصبحت بندقية الحزب موجهة إلى صدور اللبنانيين والعرب في غير مكان وهو يتصرّف بوحي من مصالح دولة غير عربية».

الراي