«سفينة لبنان» تغرق في بحر الأزمات.. فمن ينقذها؟

EPA/NABIL MOUNZER

يحاول مسؤولون لبنانيون من داخل الحكومة أو من محيطها أن يشيعوا أجواء من الأمل بوضع حد لما يسميه لبنانيون متشائمون بـ «غرق السفينة»، مرّة من خلال المراهنة على دعم عربي لم يظهره أحد باستثناء العراق، ربما لتشابه الحالة، ومرة أخرى بالمراهنة على الاستثمارات الصينية التي لم تبدأ بعد، ويشكك مراقبون ببدئها أصلاً، فيما يتجنب الدائرون حول محور الحكومة حقيقة أن المجتمع الدولي لا يروق له واقع لبنان السياسي، حيث ينشئ حزب الله المدعوم من إيران دولة داخل الدولة.

وتأتي تصريحات، رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب في مستهل جلسة لمجلس الوزراء عقدت قبل ظهر اليوم الثلاثاء حول وجود أمل بالخروج من الأزمة، في سياق محاولات «إنقاذ السفينة» من الغرق في بحر انهيار الليرة اللبنانية وغلاء المعيشة.

دياب قال في مستهل الجلسة التي عقدت برئاسة رئيس الجمهورية ميشيل عون في قصر بعبدا، بحسب ما نقلت عنه وزيرة الإعلام منال عبد الصمد: «إن رهاننا على قوة إرادة اللبنانيين وعلى نجاح خطة الحكومة وعلى دعم ومؤازرة إخوة من الدول العربية رفضوا التخلي عن لبنان.. البداية كانت من العراق الذي استقبلنا وفداً وزارياً من حكومته، وستكون هناك متابعة سريعة مع الإخوة في العراق للوصول إلى النتائج المطلوبة في أسرع وقت».

وتابع رئيس الحكومة: «إننا نلملم الركام والشعب اللبناني لن يستسلم. وقال: إن متابعة العمل مع العراق مستمرة وهناك دول صديقة وعدت بمساعدات من أجل إنقاذ لبنان».

السلة الغذائية

وأشار إلى أن «خطة دعم السلة الغذائية التي ستعلن اليوم هي حجر الزاوية بمعالجة أزمة ارتفاع الأسعار، ويجب أن تكون نتائجها سريعة، وأن تكون المتابعة دقيقة وعلى مدار الساعة، لعدم إفشالها ومنع التجار من تشويه هدفها». ورأى أنه «خلال أسابيع سيلمس اللبنانيون نتائج الجهد الذي قمنا به خلال الفترة الماضية».

عون من جهته، قال في مستهل الجلسة على «ضرورة السير بالتدقيق المالي المركز لأنه يشكل عاملاً أساسياً لدراسة الوضع المالي والنقدي في مصرف لبنان، وأيضاً لما له من أهمية في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي».

ولعشرات السنين ظل المانحون الأجانب يقدمون العون منذ انتهاء الحرب الأهلية وعلى رأسهم فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا ودول عربية خليجية، لكنهم أصبحوا غير مستعدين لانتشال لبنان من أزمته ويطالبون بالإصلاح. وإذا انسحب صندوق النقد الدولي فعلى بيروت ألا تتوقع أن تتقدم دول مما كانت تساعدها في السابق لإنقاذها.

الصين والعراق

وينقل موقع «Newsformy» الإخباري عن أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية، وليد صافي، قوله إن التوجه للصين والعراق بمثابة «هروب إلى الأمام»، ولا يعالج المشكلة الرئيسية بلبنان المتمثّلة بـ «إجراء إصلاحات بنيوية في المالية العامة والاقتصاد، وهي نقطة جوهرية ركز عليها صندوق النقد».

ويعتبر صافي أن «الفشل كان من نصيب خطة الحكومة»، مستدلاً باستقالة مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني بعد «اكتشاف لعبة التلاعب بالأرقام، ووجود نوايا تستهدف ضرب النظام الاقتصادي الحر بلبنان، وضرب قطاع المصارف وهو القطاع الأساسي في بنية الاقتصاد اللبناني».

ويؤكد صافي «بالإصلاحات تعود الثقة إلى لبنان وتعود الاستثمارات وتتمكن المؤسسات المالية الدولية من تقديم المساعدات..»، ويشدد «الإصلاح الهيكلي هو الحل المستدام للاقتصاد، وهو طريق الحصول على مساعدة صندوق النقد، ويعيد الحديث عن القروض التي تقررت بموجب مؤتمر سيدر عام 2018، والمقدرة بنحو 11 مليار دولار».

ومفضلاً الاستمرار بمسار مفاوضات صندوق النقد بدلاً من المراهنة على الاستثمارات الصينية، يقول صافي: «كلفة القروض التي تقدمها الصين لعديد من البلدان عالية وتتجاوز كلفة الفوائد على القروض من البنك الدولي وصندوق النقد». ويعتبر توجه الحكومة للصين «محاولة للضغط على الدول الغربية، كي تتراجع عن بعض الشروط المفروضة على تقديم القروض للبنان».

لعبة المحاور

ويضيف: «محاولة التوجه للشرق تؤدي لمزيد من الانخراط بلعبة المحاور التي عزلت لبنان عربياً ودولياً»، في إشارة إلى النفوذ الإيراني في لبنان، ومن دون أن يستبعد «وجود تأثيرات للعقوبات الأمريكية على إيران وسوريا على الأزمة بلبنان».

لكن التساؤل بالنسبة لصافي «هل لبنان يشكل موقعاً استراتيجياً في العلاقات الدولية كي يلعب على وتر العلاقات مع الصين والعراق مقابل الدول الغربية والولايات المتحدة؟». ليجيب «لبنان غير قادر على إدارة مثل هذه اللعبة».