رأى رئيس “حزب الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميل، في حديث عبر إذاعة “الشرق”، أن “المرحلة الحالية التي يمر بها لبنان لم نشهد مثيلا لها، فالقدرة الشرائية انقسمت وباتت أقل من الربع مما كانت عليه منذ سنة، وهذا يؤدي إلى مأساة لم نشهدها سابقا، ولم نتخيل أن لبنان سيصل إلى هذا المكان، كما شهدنا حالات انتحار وهجرة ويأس”.
وشدد على أن “لا خيار أمامنا كلبنانيين، إلا أن نصر على إرادتنا ونقويها للخروج من المكان الذي وصلنا إليه، لأن لا بديل لنا عن هذا البلد، ويجب أن نصر على تغيير الواقع بأسرع وقت ممكن، والتغيير اليوم يبدأ من الحكومة التي لم نكن نتوقع ألا تقوم بأي إصلاح، وما يحتم سقوطها انها لم تقم بأي شيء نهائيا”. ودعا “إلى الضغط من أجل قيام حكومة جديدة، رغم أننا لا نتوقع من هذا المجلس النيابي أن يشكل الحكومة التي نريد”.
أضاف: “المشكلة الأساسية في البلد، إلى جانب السلاح، هي مجلس النواب، إذ يمكن تحسين الوضع الحكومي، لكن الأساس هو تقصير ولاية المجلس النيابي وإجراء انتخابات نيابية. وسنبقى في هذا المستنقع إلى أن يتسنى للشعب اللبناني أن يحاسب عبر صندوق الاقتراع، وسنبقى نخضع لهذه الارادة حتى مع تشكيل حكومة جديدة”.
وردا على سؤال، اعتبر أن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش “لا يملك أجندة وحسابات، وهو يعمل على تطبيق المواثيق والقرارات الدولية التي تحظى باجماع دولي، وبالتالي موقفه لافت ومهم فهو يلتقي الجميع من حزب الله إلى المعارضة، وموقفه مبني على مصلحة الشعب اللبناني”.
ورأى أن “الحكومة غائبة عن السمع، ورئيس الجمهورية لم يتوجه إلى اللبنانيين حتى في عز الأزمات الكبيرة من أزمة كورونا إلى انهيار الليرة وصولا إلى الانهيار الشامل، وهذا أمر غريب. نشعر أن لا سلطة في لبنان ولا وجود كابتن، وأطلب من الشعب اللبناني أن يشكل سلطته”.
واستطرد: “الشعب اللبناني، وبعد انتصاره في 17 تشرين واسقاطه الحكومة، تم قمعه لتفرقته وترهيبه، وكل هذا الجو يهدف إلى إحباط عزيمة الناس، لكن يجب ألا نستسلم لأنه إذا لم نطالب ونناضل لن يعطينا أحد حقوقنا”.
واعتبر أن “لبنان اليوم رهينة بيد محور لديه حسابات لا علاقة لها بالشعب اللبناني، وهذا المحور يستعمل هذه الورقة في مفاوضاته الدولية، ويضع المجتمع الدولي أمام مأزق، فإذا ساعد هذا الأخير لبنان يكون بذلك يساعد على بقاء وضع اليد، أما إذا لم يساعد فالشعب سيفقر”.
ورأى أن “حياة اللبنانيين اليوم رهينة فدية. ولبنان كان بمنأى عن هذا الصراع، وكانت الدول تميز بين الشرعية والدولية، لكن بعد الصفقة الرئاسية المشؤومة تم تسليم الشرعية إلى حزب الله، ولم يعد هناك فصل بين الحزب والدولة، وبات هو يملك قرار الدولة ودخلت الدولة والشعب برمته في هذا الصراع ودفعا ثمنه”.
أضاف: “حزب الله جر الشعب اللبناني برمته ليتحمل مسؤولية صراع لا ذنب له فيه، لأن الشعب لم يقرر الدخول في صراع مع الغرب والدول العربية والمجتمع الدولي”، مردفا إن “مفهوم الديمقراطية والسيادة مضروب بالكامل، لأن هناك من يقرر عن الدولة ويلزمها بأجندته”.
وتعليقا على “تصريح وزير الداخلية (والبلديات العميد محمد فهمي) بأنه قتل اثنين”، قال الجميل: “هذا كلام لا يمكن أن يتحدث عنه بهذا الشكل، فهو وزير مسؤول عن تطبيق القانون وفرض الأمن وكلامه نوع من تشويه لرئيس الجمهورية”.
وجدد دعوته إلى “العمل لتغيير واقع الحال وإعادة القرار إلى الشعب”.
وعن القرار القضائي المتعلق بالسفيرة الأميركية دوروثي شيا، اعتبر أن “المشكلة هي أن كل المؤسسات تتجند في معركة الخاطف لكي يتمكن من القيام بدوره سواء قضائيا أو مؤسساتيا”، سائلا “متى ستنتفض هذه الإدارة على الواقع؟، هذا ما نتمناه وهذا الأمر يمكن أن يساعدنا على تخطي المحنة التي نحن فيها”.
وردا على سؤال عن “قانون قيصر”، قال الجميل: “هناك معركة دولية تحصل، وسوريا حلقة أساسية في هذا المحور، وكل ما نراه اليوم حرب محاور، أما السؤال فهو هل نريد أن نكون بهذه المعركة أو أن ننأى بنفسنا؟، فطالما الدولة تريد ادخالنا في المعركة سندفع الثمن”.
وتابع: “اننا رهينة، وهناك مسؤولون لبنانيون يريدون إبقاء لبنان مربوطا بسوريا، وهذا سيكلف الشعب اللبناني غاليا. اللبناني يدفع ثمن المازوت المدعوم والطحين ويتم تهريبهما إلى سوريا، كما أن جزءا من أزمة الدولار سببها تهريب العملة إلى سوريا”.
وأردف “قد يختلف أفرقاء السلطة على كثير من الأمور، إلا أنهم يتفقون على ابقاء لبنان رهينة، وفي تاريخ البشرية لم يقم مرة من دمر بأن عاد وعمر”.
ورأى أن “لبنان تخطى مرحلة الاستماع إلى اقوال السياسيين، ونحن اليوم بمرحلة الوجود أو اللا وجود، ويجب أن ننزل إلى الأرض لتغيير الواقع الذي نحن فيه، وإلا سيبقى الشعب رهينة الطبقة السياسية الحالية”.
وقال: “الشعب يفقر والسلطة تقوم باتفاقيات بين بعضها، والمطلوب اليوم أن يقرر الشعب اللبناني عن نفسه، لا أن يقرروا عنه، ففي الانتخابات الماضية غشوا اللبنانيين الذين أعطوا فرصة للطبقة السياسية، لكن في الفترة الأخيرة اعتقد أن الشعب اقتنع أن بوجود هذه المنظومة السياسية لا خلاص للبنان”.
وعن لقاء بعبدا، قال الجميل “بدل الالتقاء للبحث في كيفية انقاذ البلد ورد القرار إلى الناس لخلق التغيير الحقيقي، يقومون تحت عنوان السلم الأهلي بترقيع العلاقات بين الطبقة السياسية، ولو كان جدول الأعمال على علاقة بمواضيع مهمة تنقذ بلدنا لكنا حضرنا اللقاء”.
أضاف: “إن هدف الكتائب بناء حياة أفضل لأولادنا، وحسابات الحزب وطنية ومن غير المعقول ان “يتعتر” الجيل الجديد أكثر مما “تعتر” الجيل السابق. يضحون بالأجيال في وقت يجب إيجاد حلول بنيوية لكي يعيش أولادنا في لبنان ولا يضطروا إلى الهجرة”.
ورأى أن “الحلول الخارجية مؤقتة وليست بنيوية، فلا أحد يعرف لبنان كما يعرفه اللبنانيون، ولا أحد بامكانه حماية الدولة في لبنان غير اللبنانيين، والتسويات الخارجية لم يكن لديها ولا مرة طابعا دائما بل كانت مؤقتة”.
وعن العلاقات مع الصين، قال: “الصين جزء لا يتجزأ من المنظومة الاقتصادية الدولية والعالمية، ولا يمكن وضعها بالاطار نفسه مثل ايران، كما أن علاقة لبنان التجارية مفتوحة مع الصين التي هي أكبر مصدر إلى لبنان”.
وتعليقا على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، سأل: “لماذا لم تبدأ الحكومة بالاصلاحات منذ اللحظة الأولى، ولماذا انتظار صندوق النقد؟”، معتبرا أن “لا جدية في المفاوضات بظل تقديم لبنان 3 أرقام مختلفة لصندوق النقد”.
ورأى أن “تحسين العلاقات مع العرب والدول الغربية بديل عن صندوق النقد، لكن هل الدولة اللبنانية قادرة على زيارة واشنطن أو السعودية أو الامارات أو أوروبا؟. إذا أردنا أن نكون بحالة عداء مع الدول، هل ننتظر منها أن تعطي لبنان المال في ظل التهديدات التي يطلقها (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصرالله”. واعتبر أن “الحكومة واجهة دستورية لسيطرة حزب الله على لبنان”.
في سياق آخر، شدد على أن “هناك أولويات في الصرف، والجيش اللبناني هو الأولوية الأولى”، موجها “تحية للجيش قيادة وعناصر”، وقال “الجيش آخر مؤسسة تحوز على ثقة اللبنانيين وقادرة على حماية البلد ومستقبله، ويجب أن يكون الجيش محصنا من الجميع لتأمين استمرارية البلد”.
وقال: “الأحزاب تعمل على وضع يدها على إرادة الناس عبر الخدمات والاستزلام للزعماء، فيما يؤمن حزب الكتائب بضرورة فصل هذين المسارين، وعلى الدولة خلق فرص عمل وتأمين ضمان اجتماعي وصحي وتأمين مدارس رسمية بالمستوى المطلوب. وأردف “فرص العمل لا تخلق من العدم في ظل غياب الاستثمارات وفتح شركات وخلق وظائف للشعب، ولكي تأتي هذه الاستثمارات هي بحاجة إلى ثقة. يجب أن يكون هناك نهضة سيادية وادارية في حوكمة البلد، وإلا هذه الثقة لن تعود”.
وتابع: “فرص العمل بحاجة إلى جذب استثمارات إلى لبنان، لكن بظل المقاطعة الغربية والعربية كيف سنقوم بذلك، وبظل وجود ميليشيات، فلا خلاص اقتصاديا إلا بأن ينتهي لبنان من منظومة الفساد، وعندها يمكن أن ينهض بسرعة قياسية، لكن هذا الأمر بحاجة إلى ارادة”.
وذكر “بدأنا هذه الثورة قبل 17 تشرين، وتحملنا الانتقادات وخروجنا من السلطة، وبالتالي وجودنا في الشارع طبيعي، لأننا كنا موجودون فيه قبل 17 تشرين، وقد بدأنا معركتنا عندما كان الشعب اللبناني يعطي ثقته لهذه السلطة في الانتخابات النيابية”.
ولفت إلى انه “عندما سقطت حكومة (الرئيس سعد) الحريري في أول أيام الثورة، لم يكن هناك أي عنف، والعنف دائما لا يفيد”.
واعتبر ان “كل دول العالم تطلب من شعبها الصمود، لكن هذا الصمود يجب أن يبقى حالة استثنائية، أما الطلب منهم الصمود 90% من حياتهم فهذه لم تعد ثقافة. حزب الله يعتبر ان على الشعب ان يبقى في حالة استنفار وصمود، فيما القاعدة يجب ان تكون الاستقرار إذ لا يمكن أن نعيش 40 أو مئة سنة بالصمود والمواجهة، فالشعب سيتعب في النهاية”.
وقال: “لا مكان في لبنان لأنصاف الحلول، ونحن بحاجة لحلول جذرية، ولكي ننجح يجب أن نعطي الأمل للبنانيين والثقة وتغيير بنيوي للنظام السياسي، وكل المقومات التي تخلق استقرار الدول واستمرارية شعبها”.
وختم قائلا: “نحن بأزمة وجودية بنيوية، إما نخرج منها منتصرين أو نفقد وجه لبنان”.