… «حزب الله يسيطر على مرفأ بيروت ويعلم بكل ما يحدث فيه، يستخدم سلطته لتهريب بضائع عائده له، ويفضل عدم نقل أسلحته من هناك لمنع إسرائيل من ضرب المرفأ. فهو يسيطر على لبنان وهو الذي عين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء (المستقيل) حسان دياب ويفرض من خلال البرلمان ومجلس الوزراء حماية سلاحه. ولذلك فأن إسرائيل لن تقبل أن تساعد الدول الغربية والعربية لبنان من دون تجريد حزب الله من سلاحه وإبقائه خارج الحكومة. وتالياً يجب على المجتمع الدولي منع إيران من إستغلال الوضع السيء ومساعدة لبنان ومراقبة الدول لأي دعم يصل للحكومة أو اللبنانيين».
هذا ما نقلته يوني بن مناحيم – ضابط الإستخبارات الإسرائيلية السابق – عن مصادر إستخباراتية وأمنية في تل أبيب.
أما وزير الخارجية، ورئيس الأركان سابقاً، غابي اشكنازي، فتحدث عن أن «حزب الله يستخدم المدنيين والعاصمة لإخفاء أعماله الإرهابية وأنه المسؤول عن إنفجارات بيروت». وذهب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى حد القول أنه «ينبغي مصادرة سلاح حزب الله وصواريخه ومتفجرات يملكها ويخبأها بين المدنيين إذا أردنا أن لا يحصل أي إنفجار مماثل لما حصل في مرفأ بيروت».
كل القنوات السياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية، نادت بأن «يبقى حزب الله خارج الحكومة المقبلة»، واعتبرت ان إستقالة دياب «أمر إيجابي لإسرائيل». ورأت وسائل الإعلام أن الإستقالة قد تركت إرتياحاً في تل أبيب لأنها إعتبرتها حكومة مدعومة من «حزب الله»، خصوصاً أن هناك إمكانية – بحسب التقديرات الإسرائيلية – أن «تحصل في لبنان إنتخابات مبكرة».
وقد نادى القادة العسكريون بـ«ضرورة إضعاف حزب الله وإنتخاب حكومة في أسرع وقت لكي لا تبقى حكومة دياب إلى فترة طويلة تصرف الأعمال لأن الإنتخابات النيابية المقبلة ستغير خريطة القوى السياسية، وتالياً يشكل هذا الأمر نتائج إيجابية لإسرائيل».
وقد بدا المعلقون، سطحيين بتحليلاتهم عن الوضع اللبناني، لأن أكثر ما رددوه، تم أخذه من الإعلام الذي نشر وجهة نظره عن إنفجار بيروت تبعاً لصحف معادية لـ«حزب الله»، ولم يأخذوا بالإعتبار الرواية الرسمية لكيفية وصول الباخرة المحملة بنيترات الأمونيوم التي رست في لبنان أواخر عام 2013 وتقاذف مسؤولية إزالتها مجموعة من المسؤولين الأمنيين والقضائيين اللبنانيين لمدة سبعة أعوام من دون تحريكها من مكانها إلى حين إنفجارها.
وإعتبرت إسرائيل أن «حكومة دياب هي حكومة حزب الله»، وتالياً لم يصدر – بعد بروز المستندات الرسمية اللبنانية التي ترجح نظرية الإهمال – أي تصريح رسمي وبقي الصمت سيد الموقف.
وإعتبر المسؤولون العسكريون أن سقوط أي حكومة يدعمها «حزب الله» نتيجة إيجابية. إلا أن تقرير شعبة الإستخبارات أضعف كل النظريات الإعلامية إذ ذكر أنه «لا توجد خيارات داخلية لضعضعة مكانة حزب الله لأن كل المحاولات السابقة لإفشاله وعزله بائت بالفشل».
ولكن إسرائيل ومحلليها العسكريين والقادة لم يشرحوا كيف سيستطيع لبنان – الضعيف مالياً والمنهار إقتصادياً وغير القوي عسكرياً – أن يسحب سلاح «حزب الله» الذي يُعتبر أساس وجوده ودفاعه عن جنوب لبنان ونفطه.
ولم تقل أميركا، حليفة إسرائيل الأولى، إذا كانت ستسلم الجيش أسلحة نوعية تدافع فيها عن سيادة لبنان ضد الخروق الـ53 الفاً الإسرائيلية، براً وبحراً وجواً. وإذا إشترطت الدول الغربية مساعدة لبنان مقابل سحب سلاح «حزب الله» فهذا يعني أن هذه الدول لا تنوي مساعدة لبنان أو سترضخ وتتقبل وجود «حزب الله» إلى حين التفكير بطريقة أخرى لإضعافه.
وقد حاول المجتمع الدولي القضاء على «حزب الله» عام 2006 بحرب لبنان الثانية. وفشل كذلك في حرب سورية لإغلاق الطريق على إمداداته العسكرية من إيران وفشل. وحاول تقسيم العراق عام 2014 لكسر «محور المقاومة» وعزل العراق عنه وفشل. وحاول فرض الحصار الإقتصادي الشامل على إيران الداعم الأول لـ«محور المقاومة» وفشل. ولم يبق إلا حليفه اللبناني، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وها قد بدأت هذه المرحلة تعطي بعض الثمار إلا إنها من الممكن أن تنجح بإضعاف أكبر حزب مسيحي في لبنان ولكنها من الصعب أن تنجح بعزل وإضعاف «حزب الله» لما يتمتع به من شعبية وبيئة حاضنة ضمن طائفته على الأقل.
الراي – ايليا ج. مغناير