خلط الأوراق مستمر في لبنان، «الكورونا» تتقدم، والدولار يتراجع أمام الليرة، والأوضاع السياسية نحو الانتظام خلف دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي الى فك الحصار عن الشرعية اللبنانية، وتحييد لبنان عن صراعات القوى الإقليمية والدولية في هذه المنطقة.
وتستمد الحركة السياسية، الحكومية خصوصا، دوافعها من إلحاح الحاجة الى الإصلاحات الذاتية، التي لا يبدو ان ثمة مجالا للتهرب منها في ضوء إصرار صندوق النقد الدولي على إغلاق أبواب الهدر والنهب المقونن للمال العام، بعيدا عن منطق العفو عما سلف، حيث ناشد الصندوق السلطات التوافق حول خطة الإنقاذ المالي الحكومية محذرا من أن محاولات تقليص الرقم المقدم للخسائر الناجمة عن أزمته المالية لن يؤدي إلا إلى إبطاء التعافي.
وكذلك غداة وصول وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لورديان خلال ايام لإبلاغ المسؤولين وجها لوجه، ما كان قاله أمام مجلس الشيوخ الفرنسي: «ساعدوا أنفسكم لنساعدكم»، ومعلوم أن هذه الزيارة هي الأولى لمسؤول فرنسي، بل أوروبي إلى لبنان منذ اندلاع ثورة 17 أكتوبر وقيام حكومة حسان دياب.
عمليا، كل هذه القوى الخارجية تلتقي مع غالبية القوى السياسية والحزبية المحلية الآن حول خارطة الطريق التي وضعها البطريرك الراعي في عظة الخامس من يوليو الجاري وتوجه فيها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، داعيا لفك الحصار عن الشرعية وعن القرار الوطني والى تحييد لبنان عن الصراعات، ثم كررها في عظة الأول من أمس.
الفريق الأوسع من اللبنانيين دعم دعوة الراعي من حيث كونها دعوة وطنية ولئن ظهرت بلباس ديني، لأن هدفها النهائي وطني جامع، والفريق الآخر فاجأه اقتحام البطريرك الراعي الوسطي الطبع والطابع، هذا السياج الشائك، متحديا رئاسة الجمهورية والأكثريات النيابية.
وقد حاول هذا الفريق، فريق العهد استئثار طروحات الراعي لتأجيج العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية، بينما فضل فريق ثالث التريث والصمت بانتظار قياس مستويات ضغط بكركي وحجم التفاعل معه حتى لا يؤدي استعجال إعلان الدعم، إلى انقسام مسيحي واسع بين من هم مع البطريرك وبين من هم مع رئيس الجمهورية.
وبدا واضحا أن الأحزاب المسيحية عموما مع طرح البطريرك، عدا التيار الوطني الحر، فالمردة معه ضد الرئيس عون وتياره وربما لن يكونوا كذلك في الجانب المتعلق بحزب الله. أما حزب ««القوات اللبنانية» وربما «حزب الكتائب» آثرا التريث قليلا، تجنبا لتظهير الوضع وكأنه انقسام مسيحي، لكن مسارعة الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، وبعض الرموز الدينية الشيعية الى دعم تحرك الراعي، كرس الغطاء للتحرك الذي يمكن اختزاله بـ 3 نقاط موجزة وهي: تحرير الشرعية، والقرار الوطني المستقل من الأسر، وطلب النجدة من الأصدقاء ومن الأمم المتحدة تكريسا لحياد لبنان، ما يحبط ضمنا الدعوة الى التوجه شرقا.
وقد أوفد رئيس «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع وفدا قواتيا يضم كلا من النائبين عماد واكيم وادي ابي اللمع والوزيرين السابقين مي شدياق وريشار قيومجيان الى الديمان، حيث التقى البطريرك الراعي.
أما التيار الوطني الحر، فقد وجه تعليمات الى منابره السياسية والإعلامية، بعدم التعرض للمسار الذي اعتمده البطريرك الراعي، لا من قريب ولا من بعيد، وترك الأمر للمعالجة الثنائية المباشرة بين الرئيس ميشال عون والبطريرك الراعي المتوقع لقاؤهما قريبا «وهنا تقول المصادر المتابعة لـ «لأنباء» ان البطريرك الراعي وضع الرئيس عون، بأجواء العظة التي حركت السواكن السياسية، خلال لقائهما الأخير، حيث أبلغه ان انهيار المصارف وإقفال المدارس والمستشفيات والجامعات، قد يدفع المزيد من المسيحيين للهجرة، فهل المطلوب ان يركبوا الدراجات؟ فأجابه الرئيس عون، بحسب المصادر، لا لن يركبوا الدراجات.
كورونيا، وبعد ارتفاع عدد الاصابات عقدت اللجنة الصحية المختصة، اجتماعا بعد ظهر أمس، برئاسة وزير الصحة د.حمد حسن، حيث جرى تقييم الوضع الصحي وكيفية توزيع المصابين على المستشفيات والمحاجر، والتزام المغتربين العائدين بشروط التعبئة العامة وإجراء امتحانات الجامعة اللبنانية في ظل الإصابات التي ظهرت بين طلابها.
وقال حسن، ان معظم العائدين من الخارج يأتون من بلدان فيها وباء، وتشمل الفحوصات 4000 شخص يوميا، وتقرر العودة الى حجر كل مصاب يأتي 5 أيام، يجري بعدها الاختبار لتخفيف الضغط عن الأطقم الطبية.
الأنباء – عمر حبنجر