اقتصاديون لبنانيون يكشفون أسباب تعثر المفاوضات مع صندوق النقد وانعكاساتها

بعد تعثر مفاوضات لبنان مع صندوق النقد طفت إلى السطح مجموعة من التساؤلات حول مصير الأوضاع في لبنان.

تتعلق التساؤلات بشأن إمكانية أن يقوم الصندوق بإقراض لبنان وهو في هذا الوضع بالأساس، تحدث بعض الاقتصاديين عن تبعات الإقراض وكيفية تحملها من قبل الشارع اللبناني بعدما وصلت الوضع إلى هذه الدرجة.

في البداية قال الدكتور بلال شحيطة، رئيس قسم الاقتصاد في كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال بالجامعة اللبنانية: إن “مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي هي (مفاوضات معلقة) بانتظار بدء لبنان تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي بأسرع وقت ممكن، والتوافق على مقاربة الأرقام بشكل موحد، في هذا الإطار يجدر التوقف عند ملاحظتين وخلاصة”

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن “الملاحظة الأولى تتمثل بغياب العمل المؤسسي في لبنان، وتقاذف المسؤوليات بين كامل مستويات السلطة في البلد”.

أما الملاحظة الثانية هي عدم وجود نية سياسية للإصلاح، حيث يفضل الزعماء عدم إصلاحات جدية مقابل أن يبقى وضع البلد مترنحاً لعدم خسارتهم كل شيء، حيث أن تحقيق الإصلاحات يعني تجريدهم من الكثير من أدوات عملهم وسلطتهم واستحواذهم على الدولة والاقتصاد والمجتمع، عبر شبكات تابعة لهم وعبر تغذية المحسوبيات والزبائنية.
وبرى في الخلاصة أن “عملية المفاوضات هي عملية حتمية ولو تأخرت بعض الوقت، وأن لعملية الاستجابة لمتطلبات الإقراض من قبل صندوق النقد الدولي والقيام بالإصلاحات المطلوبة تبعات اجتماعية قاسية، إلا أن المفاضلة يجب أن تكون بين نتائج الإقراض ونتائج الكارثية لعدم الحصول على التمويل، وبقاء أمور الاقتصادية والمالية في البلد على تدهورها الكارثي الحالي”.

وتابع بقوله: إنه “لن يقوم أي من المانحين أو المموليين بالاستثمار في لبنان دون بصمة أو توقيع صندوق النقد الدولي، الذي سيكون فاتحة لحزمة من الإصلاحات والتنازلات السياسية من قبل الأطراف اللبنانية المتصارعة”.
وحسب رأيه في أحسن السيناريوهات، لن يعطي صندوق النقد الدولي لحكومة البنان سوى 9 مليارات دولار أمريكي، مقسمة على خمس سنوات، أي 1،8 مليار خلال السنة الواحدة، لكن بالمقابل سيكون ختمه السحري ميزاناً للدول التي تنوي إقراض لبنان، أن تترجم قرارها، فتنطلق ورشة إعماريه استثمارية تقوم هذه المرة، على بيع أصول الدولة، ومرافقها وقطاعاتها بعنوان تحفيز الاقتصاد، ومده بالمنعشات المطلوبة.

ضريبة القرار

ضريبة القرار من وجهة نظر الأكاديمي، (التمويل من قبل صندوق النقد) هي “تدمير ما تبقى من الطبقة الوسطى من خلال فرض إجراءات قاسية ترتبط بزيادة الضرائب، وتجميد الأجور وخفض التقديمات ورفع الدعم وتحرير أسواق الفائدة وسعر الصرف”.

كل هذه المقدمات ينتج عنه تكريس الاختلالات الهيكلية في بنية الاقتصاد، واستمرار القوى السياسية الاٍساسية في السلطة من خلال تحكمها بتخصيص القطاعات وإعادة سيطرتها على التوظيف والاقتصاد في مختلف مفاصله من جديد.

العنف الأسري يقتل رضيعين على يد أمهم بطريقة شنيعة في العراق
فيما يرى الدكتور أيمن عمر الاقتصادي اللبناني إنه عند وصول أي دولة في العالم إلى حالة انهيارية كما الوضع في لبنان، يتم اللجوء إلى صندوق النقد الدولي كمنظمة دولية تساهم في إخراج الدول من انهيارها الاقتصادي وإفلاسها المالي، على أن تلتزم الدول في تطبيق مجموعة من الإصلاحات والإجراءات المسبقة كشرط لنيل دعم صندوق النقد الدولي.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن الوفد اللبناني المكلف بإجراء التفاوض لم يستطع كسب الثقة منذ الاجتماع الأول مع الصندوق، وذلك لغياب الرؤية الموحدة والمقاربة المتماسكة من قبل الوفد.

وأشار إلى أن تعدد الخطط من قبل السلطات اللبنانية، وما تضمنته كل خطة من أرقام وتقديرات متناقضة مع الخطط الأخرى، وتحميل كل طرف المسؤولية والأعباء على الطرف الآخر، أفقد الدولة اللبنانية المصداقية أمام المنظمات والمجتمع الدولي.

ويرى أن جميع ما تقدم دفع الصندوق دفعاً وبأيدي المسؤولين عن هذا الملف بتطفيش الصندوق، وعدم اتخاذه القرار بعد 16 جولة فاشلة من المفاوضات.

ويشير إلى أنه إذا كانت التقديرات أن حجم القروض لن يتخطى 10 مليار دولار على 5 سنوات، بمعدل وسطي 2 مليار دولار، فبإمكان توفير المبلغ دون اللجوء إلى الصندوق والارتهان لشروطه، إذا صدقت نوايا المسؤولين بذلك وتحمل جميع القوى السياسية دون استثناء المسؤولية الوطنية التضامنية الجامعة في هذا الظرف العصيب.

وفي وقت سابق قال وزير المالية اللبناني غازي وزني إن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي علقت في انتظار بدء لبنان تنفيذ الإصلاحات بأسرع وقت ممكن، والتوافق على مقاربة الأرقام بشكل موحد.