
على وقع أزمة سياسية معقدة وأوضاع اقتصادية متردية، لم يجد اللبنانيون ملجأ سوى الهجرة خارج بلادهم، ليصبح البلد العربي طاردا لشبابه في ختام عام الأزمات.
ويقترب لبنان من الوصول لنهاية عام يعد الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975 – 1990) بين هبوط عملة وارتفاع التضخم لمستويات تاريخية وشح حاد في وفرة النقد الأجنبي.
وضاعف من حجم المعاناة، انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب الماضي، والذي أدى إلى مقتل نحو 200 شخص وأكثر من 6000 جريح، فضلا عن أضرار مادية هائلة في الأبنية السكنية والمؤسسات التجارية.
** انفجار في الهجرة
وعلى غرار انفجار مرفأ العاصمة، انفجرت معدلات الهجرة من لبنان في العام 2020، ليتحول البلد العربي إلى بيئة طاردة، رغم قيود حركة السفر والتنقل إبان فترة تفشي فيروس كورونا.
ووفق دراسة لمؤسسة “الدولية للمعلومات” اللبنانية الخاصة، فإن أعداد المغادرين من البلاد ارتفعت في العام الجاري بنسبة 312 بالمئة، مقارنة بالعام السابق 2019.
وفي تصريح للأناضول، يقول أنيس مراد (طبيب لبناني هاجر عقب انفجار المرفأ)، إن قرار الهجرة خارج البلاد لم يكن سهلا ولكن ضروريا لتحقيق الاستقرار.
ويضيف مراد: “انتقلت للعمل في إحدى الدول العربية، بسبب ضغوط الأزمة الاقتصادية وسرقة الودائع البنكية والانفجار المأساوي لمرفأ بيروت.
ويتابع قائلا: “كل هذه الكوارث وقعت وسط غياب المحاسبة للمسؤولين عنها، ما أفقدني الأمل فعلياً بحدوث اي تغيير إيجابي قريب في بلدي لبنان”.
ومنذ 17 أكتوبر/ تشرين أول 2019، يشهد لبنان احتجاجات شعبية حاشدة للمطالبة بإصلاحات اقتصادية وتحجيم الفساد السياسي ومحاسبة المسؤولين.
** بحثا عن الأمان
بدورها تقول رنا فارس (لبنانية مهاجرة إلى تركيا) للأناضول: “هاجرت عقب انفجار المرفأ لأني وأسرتي نريد العيش بأمان ولا نموت ضحايا لفساد واستهتار المسؤولين”.
وتابعت: “قرار الهجرة من لبنان نهائي ولا نفكر في العودة، فالأوضاع الاقتصادية التي تشهدها بلادنا لا تبشر بأي أمل”.
فيما يوضح سامي حمد (مهاجر لبناني إلى الإمارات) أنه كان أحد نشطاء حراك 17 أكتوبر/تشرين أول 2019، لكنه قرر الهجرة من البلاد بعد فقدان الأمل في التغيير.
ويضيف حمد للأناضول: “لم أتمكن من تحقيق طموحي في لبنان، لكنني قد أفكر بالعودة عندما يكون هناك انتخابات نيابية، وسأساعد الناس بالتصويت في الاتجاه الصحيح”.
من جانبه يقول النائب قاسم هاشم، عضو لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين في البرلمان اللبناني، إن عام 2020 سجل ارتفاعا ملحوظا في معدلات الهجرة، لا سيما بين الطواقم الطبية.
ويوضح هاشم للأناضول أن التقديرات تؤكد هجرة حوالي 700 طبيب و1000 ممرض وممرضة من البلاد، في وقت يعد لبنان في أمس الحاجة إلى جهودهم.
ويرجح هاشم أن تساهم التحويلات المالية للمغتربين اللبنانيين في التأثير الإيجابي على تحسن النسبي لمؤشرات الاقتصاد في البلاد.
** هجرة أم مغادرة؟
بدوره ميّز رئيس شركة “ستاتيستكس ليبانون” ربيع الهبر، بين مصطلحي الهجرة والمغادرة، قائلا: “صفة المهاجر تطلق على المقيم خارج البلاد لأكثر من 3 سنوات”.
ويقول الهبر للأناضول: “غالبية من غادروا البلاد عقب 17 تشرين 2019 من حملة الجنسيات الأخرى أو من يحملون إقامات في دول اخرى وتأشيرات سفر، وهؤلاء مغادرون للبلاد وليسوا مهاجرين”.
وبخلاف الأزمة الاقتصادية وتداعيات انفجار مرفأ بيروت، يعيش لبنان أزمة سياسية واستقطابا حادا، في ظل تعثر تأليف حكومة جديدة عقب استقالة حكومة حسان دياب بعد 10 أيام على الانفجار الشهير.
(الأناضول)
هذا الخبر على وقع الأزمات.. لبنانيون ودّعوا بلادهم قبل نهاية 2020 ظهر أولاً في Cedar News.