انتهت رحلة البحث الطويلة والشاقة عن جو نون بعدما عُثر على جثته تحت أنقاض مرفأ بيروت الذي تعرّض لانفجار قوي دمّره كلياً ودمّر معه جزءاً كبيراً من العاصمة اللبنانية.
ابن السابعة والعشرين ربيعاً أُحرق جسده في انفجار المرفأ عندما كان يحاول مع رفيقيه فتح باب العنبر 12 الذي دوّى فيه الانفجار الثاني.
ومنذ أن وقعت نكبة بيروت، سارع شقيق جو، ويليام نون، إلى مرفأ بيروت بحثاً عنه بعدما فقد الاتصال به.
مشاهد تُدمي القلب
وفي معرض حديثه عن رحلة البحث المضنية هذه، قال لـ”العربية.نت”: “لم أغب عن المرفأ منذ وقوع الانفجار. وظيفتي كمتطوّع في الدفاع المدني في بيروت سمحت لي بالنزول إلى هناك والمشاركة في عمليات البحث عن المفقودين من بينهم شقيقي”. وأضاف “المشاهد داخل المرفأ تُدمي القلب. الأضرار جسيمة والخراب يملأ المكان”.
من بيروت (فرانس برس)
“اليوم أدفن وغداً أحاسب”
وبغصّة أكد ويليام “اليوم أدفن شقيقي وغداً ستبدأ محاسبة المجرمين عن “فاجعة” المرفأ. ما بقى عنّا شي نخسره. الغالي راح”.
وإلى جانب مشاهد الموت والدمار التي رآها في مرفأ بيروت، تحدّث ويليام عن عناصر تابعين لـ”حزب الله” يدخلون ويخرجون بحرية إلى المرفأ وكأنهم يبحثون عن شيء معيّن هناك.
وتتقاطع رواية ويليام مع معلومات متداولة منذ لحظة وقوع الانفجار حول انتشار عناصر تابعة لـ”حزب الله” في المرفأ ومشاركتهم بعمليات المسح ورفع الأنقاض إلى جانب الأجهزة المعنية.
على الرغم من أن حزب الله نفى في خطاب لزعيمه حسن نصرالله بعد أيام على فاجعة العاصمة اللبنانية، أن تكون له أي علاقة بالمرفأ.
رأيت عناصر حزب الله في المرفأ
لكن ويليام أكد ذلك، قائلاً “رأيتهم بأمّ العين يجولون في المرفأ ويبرزون بطاقاتهم الحزبية عند مدخل المرفأ من أجل السماح لهم بالدخول. حتى إن طريقاً فرعية داخل المرفأ تم قطعها أمام الفرق الإنقاذية المشاركة بعمليات البحث والسماح فقط لعناصر الحزب بسلوكها”.
تهديدات من حزب الله
إلى ذلك، قال الشاب المفجوع بموت شقيقه “تلقيت تهديدات من أحد المسؤولين في حزب الله حول هذه المعلومات التي أدليت بها عبر وسائل الإعلام، لكنني لا أخاف منهم. خسرت شقيقي ولا أعتقد أن هناك خسارة أكبر تُضاهيها”.
وسأل “القاصي والداني يعلم بأن مرفأ بيروت تحت سيطرة حزب الله. يُدخل إليه ما يشاء من دون حسيب أو رقيب. وكثر داخل المرفأ أخبروني أن العنبر رقم 12 كان يدخل إليه عناصر تابعون لـ”حزب الله”، وأن هناك مسؤولاً رفيعاً في الحزب كان يتردد إليه بشكل دائم”.
الهيئة الصحية الإسلامية
كما ذكر أن “حزب الله وفي اليوم الثاني على الانفجار أصدر بياناً أعلن فيه استعداده للمساعدة في عمليات البحث عن المفقودين داخل المرفأ، واضعاً الهيئة الصحية الإسلامية بتصرّف الأجهزة المعنية”.
وتساءل “لا يحق إلا للصليب الأحمر الدولي والدفاع المدني القيام بعمليات البحث. فلماذا كانت سيارات الإسعاف التابعة للهيئة الصحية الإسلامية (محسوبة على حزب الله) تدخل المرفأ؟”.
وفي الختام، استبعد الشاب أن تصل التحقيقات إلى إدانة المسؤولين الأساسيين، لأن ما حصل أكبر من قدرة الدولة على محاسبة المجرمين، بحسب قوله.
يذكر أن الانفجار الضخم الذي هز بيروت في الرابع من أغسطس جراء انفجار أطنان من نيترات الأمونيوم كانت مخزنة في أحد عنابر المرفأ لسنوات، حولها عاصمة منكوبة، وعاث في أحيائها خراباً، متسبباً بمقتل 171 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من ستة آلاف، عدا عن مفقودين تضاربت التقديرات بشأن عددهم، وفق ما أعلنت وزارة الصحة أمس الثلاثاء.