جنازات حزينة.. والعشرات مفقودون

خيمت على لبنان أجواء الحزن والحداد على ضحايا أقوى انفجار تشهده البلاد بالتوازي مع مشاهد الجنازات لعدد من الضحايا، فيما لا يزال العشرات مفقودين، كما أن عدداً يصل إلى ربع مليون شخص من سكان العاصمة اللبنانية أصبحوا بلا مأوى صالح للإقامة بعد أن دمرت الموجات الارتدادية واجهات المباني، وألقت بالأثاث في الشوارع وحطمت النوافذ لمسافة كيلومترات.
وقال مصدر أمني إن عدد القتلى ارتفع إلى 145 قتيلاً، بينما قال مسؤولون إنه من المرجح أن يرتفع الرقم. وتجمعت أسر المفقودين قرب المرفأ بحثاً عن معلومات عن أبنائها، وسط تزايد الغضب الشعبي تجاه السلطات التي سمحت بتخزين كمية هائلة من مواد شديدة الانفجار لسنوات في أوضاع غير آمنة في مخزن بالمرفأ.
وقال عامل البناء ربيع عازار (33 عاماً) الذي جاء للمرفأ، أمس، لمحاولة المشاركة في أعمال الإصلاح: «هؤلاء الساسة سيجدون كبش فداء لإبعاد المسؤولية عن أنفسهم». وكان عازر يتحدث قرب الأطلال المتبقية من صومعة للحبوب تناثر القمح منها على الأرض، وحولها كتل من الخرسانة وأسياخ الحديد ومبانٍ سوِّيت بالأرض.
وأعلن رئيس الوزراء حسان دياب الحداد العام ثلاثة أيام من أمس الخميس، على ضحايا الانفجار الذي كان أسوأ انفجار من نوعه تشهده المدينة التي لا تزال آثار الحرب الأهلية بادية فيها، بعد ثلاثة عقود من انتهائها، ولا تزال تترنح تحت وطأة انهيار مالي، وارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا.

وقال وزير الاقتصاد راؤول نعمة، إن لبنان الذي يعاني أزمة يشهدها جهازه المصرفي، وانهياراً في العملة وواحداً من أعلى معدلات الدين في العالم، لديه موارد محدودة جداً للتعامل مع الكارثة التي قدر البعض خسائرها بنحو 15 مليار دولار.
وقال الرئيس ميشال عون، إن 2,750 طناً من مادة نترات الأمونيا التي تستخدم في صناعة القنابل والمخصبات الزراعية، كانت مخزنة منذ ست سنوات في المرفأ بعد مصادرتها. ووعد بإجراء تحقيق وافٍ ومحاسبة المسؤولين، غير أن اللبنانيين الذين فقدوا وظائفهم وشهدوا تبخر مدخراتهم في الأزمة المالية، حمّلوا المسؤولية للساسة الذين استفادوا من عقود من الفساد وسوء الحوكمة.
واتهم جان أبي حنا (80 عاماً) المتقاعد الذي كان يعمل بالمرفأ وأصيب بيته بأضرار، وأصيبت ابنته وحفيدته بجروح في الانفجار، القيادات بالاحتيال والكذب. وقال إنه لا يعتقد أن أي تحقيق سيؤدي إلى نتيجة. واتهم الساسة بتدمير البلد.
وقال مصدر مسؤول مطلع على التحقيقات الأولية، إن السبب في الحادث هو عدم التصرف والإهمال، مشيراً إلى أن المسؤولين لم يبذلوا أي جهد لإبعاد المواد الخطرة. ونشرت بعض وسائل الإعلام المحلية تقارير عن طائرات أو طائرات مسيرة كانت تحلق في المنطقة قبيل وقوع الانفجار، وقال بعض سكان بيروت، إنهم شاهدوا إطلاق صواريخ، غير أن المسؤولين نفوا أن يكون الحادث ناجماً عن هجوم.
وقال مصدر أمني لبناني إن الحريق الأول الذي كان سبباً في الانفجار نتج عن أعمال لحام.
وقال مارك ميدوز، رئيس هيئة العاملين في البيت الأبيض، إن الحكومة الأمريكية لم تستبعد إمكانية أن يكون الانفجار ناتجاً عن هجوم، وإنها لا تزال تجمع المعلومات.
وقال كل من شعروا بقوة الانفجار إنهم لم يشهدوا مثيلاً له في سنوات الحرب والفوضى في بيروت التي تعرضت لدمار واسع في الحرب الأهلية 1975 1990، وشهدت منذ ذلك الحين هجمات بالقنابل واضطرابات وحروباً مع «إسرائيل».
وقال مروان عبود محافظ بيروت لقناة الحدث التلفزيونية، إن إجمالي الخسائر جراء الانفجار قد يصل إلى 15 مليار دولار، بما في ذلك خسائر الشركات. وأصيبت العمليات بالشلل في مرفأ بيروت المنفذ الرئيسي للواردات القادمة إلى لبنان، واللازمة لتوفير الغذاء لشعب يزيد عدد سكانه على ستة ملايين نسمة؛ الأمر الذي أدى إلى تحويل السفن إلى مرافئ أصغر.