صدر عن أساتذة “الحراك في الجامعة اللبنانية” البيان التالي نصه:
من المؤسف ان يحاول رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب توظيف عظة غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الديمان الأحد 2 آب 2020 ليقوم برد وقح على العظة ظاهره تأييد مضمونها وباطنه غمز وإيحاء لم يعد يُخفى على أحد.
وإذ أكد غبطة البطريرك عدم تعاون الرئاسة الحالية للجامعة ، منتقدًا غياب سلطة القانون في الجامعة التي تخضع للاستنسابية وإقصاء مجلس الجامعة عن القرار وهو الشريك الأساسي والأهم في إدارتها… إنما وضع غبطته الأصبع على جرح الجامعة النازف في عهدها الأيوبي.
إن العبرة في الاحتكام إلى مبدأ سيادة القانون والالتزام بالمعايير التي يفرضها العمل المؤسساتي، تكمن في تطبيق القوانين لا في التحايل والالتفاف عليها وتحويلها إلى شعارات فارغة من المضمون تمارس تحتها كل أنواع المخالفات واستغلال السلطة من شبهات تحوم حول ملفات أكاديمية، إلى تقييم أبحاث عائدة لعشرات خلت من السنوات، إلى الحصول على ترقيات ودرجات ومنافع مالية ومكافآت غير شفافة تكتنفها الضبابية، إلى تلزيمات ومناقصات تفوح منها روائح الفساد والمحاباة والتنفيعات، إضافة إلى محاولة تفريغ متقاعد، وأستاذة متوفية… فكيف لمن هو غارق في الفساد ان يصلح شؤون الجامعة؟
لقد قاد تهور فؤاد أيوب وحبه الاستئثار وتفرده بإدارة الجامعة إلى جعلها مجالاً سائبًا للتوظيف العشوائي، واستبعاد أي دور لوزير التربية، واعتباره مجلس الجامعة غير قائم قانونًا بالاستناد إلى استشارات غب الطلب، كان هو المحرّض عليها، وهي لا تلزم أحدًا، يتلطى خلفها من دون ان يطلع رئيس الجامعة أحد على مضمونها. فهل تلغي الاستشارة القانونية غير الملزمة النصوص القانونية ولاسيما المادة 14 من القانون 66؟ انها تلغيها فقط في حالة “انقلابية” حين لا تعود التشريعات محترمة ومطبقة أو معمولاً بها، وهو وضع غير مسبوق في جامعتنا الوطنية التي بقيت على الدوام حتى في أحلك الظروف تتقيّد بمنظومتها القانونية وبأنظمتها ومبادئها وأعرافها.
وبعد التخلص من مجلس الجامعة عبر الإطاحة به، ابتكر أيوب صيغة غير قانونية تمثلت في ما يُسمى “مجلس العمداء” الذي لا وجود له في القوانين الناظمة للجامعة يضم غالبية من عمداء معيّنين من أيوب بالتكليف ويخضعون لسلطته وتعليماته، مستبعدًا بذلك ممثلي الكليات المختلفة الذين يؤلفون فئة مكملة لمجلس الجامعة بعد ان اجرى مرتين انتخابات لاختيارهم عامي 2017 و2019، ومفوضي الحكومة وممثلي الطلاب. وكي لا يكون هناك صيف وشتاء على سطح واحد، على رئيس الجامعة ان يوضح لماذا انصاع لوزير التربية عام 2017 واعتمد ترشيحات جديدة من خلال الانتخابات وامتنع عام 2020 عن قبول ترشيحات جديدة؟!
ان الردود التي يرسلها أيوب إلى وسائل الإعلام، إثر الفضائح المتكررة التي تتكشف كل مرة عن الاعتباطية وسوء إدارته للجامعة وتناقضاته الفاضحة وتخبطه في قرارات مخالفة للقوانين، ولا مجال هنا لتعداد كل قراراته التي أبطلها مجلس شورى الدولة، باتت أكبر من أن تسترها نصوص الردود الصادرة عن أيوب، المنمقة شكلاً والمتصحرة في المضمون لنفي وقوع مخالفات موثقة. لا بل بالعكس تحولت ردود رئاسة اللبنانية إلى نصوص لتأكيد المؤكد وما يُرتكب من مخالفات، أو للتمويه على الاسباب الحقيقية للمشاكل التي يفتعلها أيوب، أو تبريرًا للتعاطي المخالف للقانون، او لتسويق روايات كاذبة عن فضائحه.
إن البهدلة التي أصابت ايوب لم يسبق لأي رئيس جامعة في لبنان والعالم ان تعرض لها، مما يدل على شخصيته النزاعية المثيرة للجدل، ما يحتم عليه حرصًا على سمعة جامعة فؤاد افرام البستاني ان يتنحى عن الموقع الذي شغله في غفلة من الرأي العام الذي اخفى عنه أن هناك دعوى كانت مقامة ضده أمام المراجع الرسمية والمحاكم المختلفة بجرائم مختلفة على خلفية ملفه والشهادات التي حازها.
أما في موضوع الاعتماد الذي كلفت به لجنة التقييم والاعتماد في فرنسا، وهي مؤسسة خاصة، فرئيس الجامعة يدعي حصول الجامعة على شهادة الاعتماد. والحقيقة، بالاستناد إلى التقرير الذي رفعته المؤسسة المذكورة، هي انه اعتماد مشروط إذ وضعت على الجامعة سبعة شروط، محددة مهلة زمنية هي ثلاث سنوات للالتزام بهذه الشروط، وهذه الشروط تؤكد على ضرورة ترسيخ الممارسة الديمقراطية في الجامعة وتأمين المباني المناسبة وتمثيل الطلاب وتأمين عناصر الحياة الجامعية اللائقة للطلاب من مسكن وحاجات اجتماعية ميسرة للتحصيل الجامعي. علمًا ان الجامعة الإسلامية في لبنان قد حصلت على الاعتماد من المؤسسة عينها دون شروط.
في الخلاصة، إن مدخل كل إصلاح في الجامعة هو تعيين رئيس جديد للجامعة يتمتع بحدٍ أدنى من المصداقية العلمية والأكاديمية والقانونية. هذا هو السبيل الوحيد لكي تعود هذه المؤسسة لتلعب دورها الطليعي في نهضة التعليم العالي في لبنان. لأن بقاء فؤاد أيوب على رأس الجامعة هو أكبر عقبة أمام عملية الإصلاح وأمام تطبيق مبدأ سيادة القانون، وأكبر سبب كي تستمر هذه المؤسسة في انهيارها.