الخبير الاقتصادي لويس حبيقة: «التدقيق السياسي» بمواجهة «التدقيق الجنائي»

رأى الخبير الاقتصادي والمالي د.لويس حبيقة أن لبنان ليس بحاجة إلى «سوبرمان» على رأس السلطات بقدر ما هو بحاجة ملحة إلى حكومة مهمة خاصة من حياديين مستقلين أكفاءعلميا وعمليا، وأصحاب خبرات مشهود لها، مؤكدا أن مثل هذه الشخصيات موجودة في لبنان، وعلى أهبة الاستعداد لانتشاله من وحول الأزمة الاقتصادية والنقدية الراهنة، وليس المهم حجم الحكومة وشكلها، انما الأهم جودة مضمونها، من حيث الخبرات والكفاءات والعلاقات الدولية.

ولفت د.حبيقة، في تصريح لـ«الأنباء»، إلى أن أهم وأخطر ملف طرأ على الساحة اللبنانية هو ملف انفجار مرفأ بيروت، وذلك لاعتباره ان معالجة الأزمة تبدأ بالتوازي مع الشروع بالإصلاحات الاقتصادية والمالية، من الكشف عن حقيقة ما حصل في المرفأ ولماذا حصل الانفجار، وبالتالي التعويض على ذوي الضحايا والمتضررين ومحاسبة المسؤولين عنه شعبيا وقضائيا، لأن نجاح حكومة المهمة، يبدأ باستعادة ثقة اللبنانيين بحكومتهم ودولتهم قبل استعادة ثقة الخارج.

وعليه، أكد ان لبنان غير قادر في ظل المشهدية السياسية الراهنة، على التقدم اقتصاديا ونقديا نحو الأفضل، وذلك نتيجة الصراعات السياسية لاسيما الشخصية منها حول تحاصص وتقاسم السلطة التنفيذية، والتي هي بدورها صراعات ناتجة عن غياب الآليات الدستورية الحاسمة ديموقراطيا في عملية تشكيل الحكومات، وما يجري حاليا، هو ضياع كامل، وشرذمة وطنية طائفية خطيرة، وتعنت ومكابرة وشخصانية، كل ذلك من شأنه تعميق الهوة الاقتصادية والنقدية والاجتماعية، وإغراق لبنان بمزيد من الأزمات والكوارث التي تفوق طاقة أي شعب على تحمل أوزارها.

وردا على سؤال، لفت د.حبيقة إلى ان التدقيق الجنائي، حاجة وطنية لابد من تحقيقها، لكن المعركة الأساسية حول هذا الملف، تكمن بوجود اطراف سياسية لا تريد التدقيق الجنائي وقادرة على تعطيله، معتبرا من جهة ثانية، انه وبدلا من إيجاد الظرف المناسب لفتح هذا الملف والغوص به عميقا. واعتبر ان رئيس الجمهورية أطلق سهامه باتجاه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في التوقيت الخاطئ وبطريقة خاطئة، اذ كان أولى برئيس الجمهورية، أولا انتظار تشكيل الحكومة، وثانيا إصدار بيان رئاسي هادئ يطلب فيه ما يريد، بدلا من كلمته المتلفزة، التي حملت في مضمونها ما حملته من تهديدات وتوعدات، علما أن رئيس الجمهورية، هو نفسه من جدد ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان، معتبرا بالتالي ان الرئيس ميشال عون يشتكي من موضوع التدقيق الجنائي، في وقت ليس بقدوره ايجاد حل له، ما يعني أن بعبدا عمقت أزمة التدقيق الجنائي وغيرها من الأزمات المرتبطة بها بدلا من حلحلتها.

في سياق متصل بالأزمة النقدية، أكد د.حبيقة أن ارتفاع سعر صرف الدولار غير مفتعل كما يحلو لبعض المستفيدين تسويقه، ولو كان هناك فعلا من عصابات وماڤيات مالية تتلاعب بالعملة الوطنية، لما كان سعر صرف الدولار توقف عند 15000 ليرة، ما يعني ان جنون الدولار صعودا وهبوطا، سببه أولا الأوضاع السياسية الرديئة، وثانيا وجود طلب عليه مقابل عدم وجود عرض، وبالتالي من وجهة نظر حبيقة، «لا حدود لارتفاع سعر الدولار، ولا شيء يمنع في ظل دوامة البحث عن حكومة إنقاذ حقيقية من فريق عمل وزاري متجانس وحيادي ومتخصص، وفي ظل غياب المعالجات، من ان يتخطى سعره الـ 20000 ليرة لبنانية.

وختم مؤكدا ألا عودة دولاريا إلى ما قبل 17 اكتوبر 2019، سيما ان الناتج المحلي هبط بعد هذا التاريخ من 60 مليار دولار إلى 20 مليارا، والأخطر من ذلك، ان لبنان قد تحول بعد تدهور العملة الوطنية، إلى مجتمع «كاشي»، أي إلى التعامل نقدا في شراء مستلزمات استمرار الحياة الاجتماعية شققا سكنية وعقارات وسيارات، وختم «عدنا إلى القرون الوسطى، أي إلى مبدأ الـ cash and carry أي ادفع نقدا واحمل، ناهيك عن اهتزاز الثقة محليا وعربيا وغربيا بالنظام المصرفي في لبنان».

الانباء ـ زينة طبّارة

هذا الخبر الخبير الاقتصادي لويس حبيقة: «التدقيق السياسي» بمواجهة «التدقيق الجنائي» ظهر أولاً في Cedar News.