عادة ما يشمل جرد كبرى أحداث العالم، عند نهاية كل سنة، الحديث عن حروب وصراعات وكوارث طبيعية ورحيل زعماء، عمروا طويلا، وتولي آخرون الحكم.
غير أن الحديث عن حصيلة عام 2020 يمكن اختصارها في وباء كوفيد-19 الذي انتشر في الأرض طولا وعرضا منذ مطلع السنة. ولا يبدو أنه على عجلة من أمره للرحيل.
2020 هو العام الذي طبع حياة الملايين بفرض قيود على حركتهم، وقلص الاتصالات في ما بينهم، وأعاد تشكيل العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة، وخلف آثارا كارثية على معيشتهم واقتصادات دولهم.
بشكل عام سجلت أحداث المنطقة العربية استمرار الحروب والصراعات في المناطق الساخنة، ورحيل الرئيس المصري السابق حسني مبارك وأمير الكويت صباح الأحمد الصباح، وموجة اتفاقات تطبيع جديدة بين إسرائيل وأربع دول عربية رعتها كلها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يستعد لمغادرة البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني 2021.
صفقة تطبيع دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين علاقاتهما مع إسرائيل تمت بدون أن يتبين على نحو واضح مدى المكافأة التي نالتها كل من الدولتين الخليجيتين لإقدامهما على هذه الخطوة.
لكن صفقة كل من السودان والمغرب بدت مربحة لكل منهما مع الوسيط الأمريكي مقابل التطبيع مع إسرائيل. فإسم السودان رفع من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وانتزعت الرباط اعتراف ترامب بسيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية.
صفقات التطبيع هذه أثارت بداية انتقادات من السلطة الفلسطينية التي سرعان ما اضطرت، وهي ترى المزيد من البلدان العربية تنضم الى مسلسل التطبيع مع إسرائيل، الى التراجع عن اعتراضاتها. فأعادت سفيريها الى المنامة وأبو ظبي وعادت الى التنسيق الأمني مع إسرائيل.
وعلى غرار نهاية السنة الماضية لا تزال بؤر الحروب مشتعلة في كل من اليمن وليبيا وسوريا، ولا يبدو حتى اليوم ما يشير الى قرب نهاية أي منها.
ففي اليمن لا يبدو أن طرفي الحرب على استعداد للجلوس الى طاولة المفاوضات وإنهاء القتال. وفي ليبيا استمر الحوار في عدد من العواصم الدولية برعاية أممية بين حكومة طرابلس وخليفة حفتر نجمت عنه توافقات في الآونة الأخيرة. لكن أيا كانت طبيعتها فإن سبيل إحلال السلام لا يزال شائكا بسبب التدخلات الخارجية في الصراع.
وفي سوريا مرت عشر سنوات على اندلاع الثورة على نظام بشار الأسد. وبالرغم من تراجع حدة القتال بسبب تفاهمات بين الأتراك والروس لم تتمكن قوات النظام من القضاء على المعارضة الباقية في إدلب وحسم الوضع لصالح دمشق.
وعلى مدى عام 2020 شكل العراق ساحة للمواجهة بين أمريكا وايران. وقد يستمر هذا الوضع ما لم يتبن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن سياسة تخفف من حدة الاحتقان مع طهران. وستبقى بغداد أول من يدفع ثمن أي مواجهة محتملة بين الخصمين في 2021.
كابد لبنان أكبر معاناة بين الدول العربية على مدى عام 2020 وواجه أسوأ أزماته. فلا هو تخلص من طائفية نظامه السياسي وقطع دابر الفساد المعشعش فيه، ولا هو نجح في تشكيل حكومات قادرة على وقف انهياره الاقتصادي. الأنكى من ذلك ان انفجارا ضخما أتى على مرفأ بيروت في عز الصيف الماضي، مخلفا 140 قتيلا على الأقل ومئات الجرحى، علاوة على تدمير آلاف البيوت والمباني العامة والخاصة.
التحقيق الذي أجري في الحادث انتهى بعد أربعة أشهر الى توجيه اتهامات، الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وإيذاء مئات الأشخاص، لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين. وطبقا لتطورات الأحداث لا يبدو أن عام 2021 يحمل الجديد للبنان ما لم تجمع أطراف الحكم على تفعيل المساءلة والمحاسبة وتغيير الدستور الحالي.
وإذا كانت المشاكل والصعاب على تنوع طبيعتها تلازم الدول العربية، وإن بنسب متفاوتة، فإن انتشار وباء فيروس كورونا منذ بداية العام طغى على كل الكوارث التي ضربت العالم العربي.
ففي غضون أشهر، وعلى غرار باقي دول العالم، انتشر الفيروس عبر المجتمعات العربية وفرضت الحكومات مكرهة قيوداً على السفر والعمل واللقاءات الاجتماعية، وطبقت قواعد التباعد الاجتماعي وأغلقت المرافق الاقتصادية في محاولة لوقف تفشي الوباء.
وتكبدت مئات الشركات التجارية خسائر مالية ضخمة اضطرت العديد منها الى اعلان الإفلاس وفقد ملايين الناس وظائفهم.
لقد خلف وباء كوفيد-19 آلاف الوفيات في العالم العربي وشل قطاعات الصحة العامة ولا يزال يحصد المزيد من الضحايا. وإذا كان منسوب أمل سكان العالم قد ارتفع منذ الإعلان مطلع شهر ديسمبر/ كانون أول عن اعتماد لقاحات ضد الفيروس فإن الإعلان أيضا عن بداية انتشار سلالة جديدة منه يعني ان حياة البشر كما ألفناها على الأرض ربما لن تعود كما كانت.
هكذا يدخل العالم العربي عام 2021 مثقلا بأزمات قديمة وتحديات جديدة تفاقم مشاكله السياسية وتزيد من مخاطر تمزقه.
هل يتمكن العالم العربي من درء أخطار 2020؟
هل تستطيع حكومات بلدانكم الصمود اقتصاديا أمام وباء كوفيد 19؟
هل تحملون آمالا تسعون لتحقيقها خلال العام الجديد؟
برأيكم إلى أين يتجه العالم العربي؟ لمزيد من الوحدة، أو مزيد من الانقسام؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة الأول من يناير/ كانون الثاني .
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانهاhttps://www.facebook.com/hewarbbc :
أو عبر تويتر على الوسم@nuqtat_hewar
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
هذا الخبر 2021: هل يتمكن العالم العربي من درء أخطار 2020؟ ظهر أولاً في Cedar News.