لم تكن 2020 سنة سهلة بالنسبة للأردنيين ولا سيما النساء، فمنذ مارس/آذار الماضي عندما أعلنت السلطات تفعيل قانون الدفاع، سجلت نسب العنف ضد المرأة ارتفاعاً ملحوظاً، تلاها تزايد في مطالب تعديل بعض التشريعات المتعلقة بحقوقهنّ.
تصاعد العنف في ظل قوانين الدفاع
أعلنت السلطات الأردنية في 17 من مارس/آذار الماضي تفعيل قانون الدفاع، كجزء من خطتها للحد من تفشي وباء كورونا، وتعهدت الحكومة في ذلك الوقت بأن يطبق “في أضيق الحدود”.
ولكن إغلاقا شاملا فُرض واستمر أكثر من شهرين، مرفقا بحظر التجول خلال نهايات الأسبوع وساعات الليل، وقد أثر هذا سلبا على ارتفاع نسب العنف بأشكاله ضد المرأة؛ أبرزها العنف الجسدي والاقتصادي.
وتؤكد رئيسة جمعية معهد تضامن النساء، إنعام العشا، أن “العنف الاقتصادي الذي طال النساء في الأردن كان تأثيره كبيراً”.
ونظراً لصعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تأثرت بالإغلاقات، واجهت النساء العاملات صعوبة في البقاء في وظائفهن، كما واجهن ضغوطات من قبل أصحاب العمل؛ إذ خيرن ما بين ترك الوظيفة أو القبول بتقليل رواتبهن للنصف أو أكثر.
في الوقت نفسه، تؤكد العشا ارتفاع نسب العنف الجسدي ضد المرأة، وأرجعت ذلك إلى اضطرار الأزواج للبقاء في منازلهم لساعات طويلة.
العنف الأسري
في 18 من يوليو/تموز 2020، قُتلت أحلام، البالغة من العمر 40 عاماً، على يد والدها، في جريمة مروعة هزّت الشارع الأردني.
الجريمة التي صٌنفت كواحدة من جرائم قتل النساء على أيدي أقاربهنّ والمتعارف عليها باسم “جرائم الشرف”، ولدت غضباً واسعاً بسبب تفاصيلها التي تداولها الأردنيون عبر منصات التواصل الاجتماعي، إذ انتشر مقطع فيديو تُسمع فيه صرخات فتاة قيل إنها تعود لأحلام، قبل لحظات من مقتلها، وما قيل عن أن والدها “جلس إلى جانب جثتها يحتسي الشاي” بعد قتلها.
https://twitter.com/abtananoo/status/1284465790402662401
جريمة قتل أحلام لم تكن الأولى ولا الأخيرة هذا العام.
فرغم غياب أرقام رسمية لأعداد هذا النوع من الجرائم، فإن جمعية تضامن ووفق رصدها لوسائل الإعلام الأردنية، تقول إن 17 جريمة قتل بحق نساء وقعت خلال عام 2020، في نسبة متقاربة مع عدد الجرائم التي وقعت العام السابق 2019، وضعف عدد الجرائم التي وقعت عام 2018.
ورغم سعي السلطات والجمعيات الناشطة في مجال حماية الأسرة في الأردن لزيادة الوعي حول العنف ضد المرأة والجرائم المتعلقة بقتل النساء، إلا أن عدد هذه الجرائم لا يبدو متجهاً للانخفاض. وتؤكد ذلك الأمينة العام للجنة الوطنية لشؤون المرأة، سلمى النمس، التي أرجعت أسباب ذلك إلى “الطبيعة المجتمعية” في الأردن وغيرها من دول المنطقة التي لا زالت تربط “شرف العائلة” بجسد المرأة.
تظاهرات نسوية
أثار مقتل أحلام الرأي العام أردنياً وعربياً، ما دفع عشرات النساء والناشطين إلى الخروج في وقفة احتجاجية في 22 من يوليو/تموز الماضي أمام مجلس النواب للمطالبة بوضع تشريعات وقوانين للحد من العنف الأسري.
وحمل المحتجون لافتات تطالب بوضع حد للعنف الذي تواجهه النساء في المجتمع إلى جانب مطالبات بتغيير القوانين التي وصفوها بشرعنة لجرائم قتل النساء وتسهل على الجناة الإفلات من العقاب.
وأبدى المشاركون في الوقفة الاحتجاجية تخوفهم من أن تصبح جريمة مثل قتل أحلام اعتيادية في المجتمع الأردني، الذي تنقسم فيه الآراء عادة بين معارضين لهذا النوع من الجرائم، وآخرين موافقين ضمنياً لما يفعله أهل الضحية “دفاعاً عن شرف العائلة” محملين المسؤولية للضحية.
تغيير القوانين
على الرغم من بعض التعديلات القانونية للنصوص المتعلقة بحقوق النساء خلال السنوات الأخيرة في الأردن، فلا يزال الطريق يبدو طويلاً أمام المرأة الأردنية لتحقيق كافة مطالبها.
إحدى أهم المطالبات التي رفعها الناشطون والحقوقيون خلال 2020، كانت تعديل عدد من مواد قانون العقوبات الأردني التي تتعلق بتخفيض العقوبات على الجاني في جرائم قتل النساء.
جرائم الشرف: “قتل تحت نظر القانون”
مجلس النواب الأردني يصوت لإلغاء قانون يعفي المغتصب إذا تزوج ضحيته
أبرز هذه النصوص، المادتين 98 و 99 التي تسمح بتخفيض العقوبة على الجاني في حال ارتكاب جريمته في “ثورة غضب” أو في حال إسقاط الحق الشخصي، بالإضافة إلى المادة 340 التي تخفض العقوبة عندما يقتل الرجل أو يهاجم زوجته أو أيا من أقاربه الإناث سبب مزاعم الزنا، وهو ما يعتبره النشطاء والحقوقيين تشريعاً لجرائم قتل النساء ومساعدة للجناة على الإفلات من العقاب.
وتستمر مساعي تعديل قوانين لصالح المرأة الأردنية من قبل برلمانيين وناشطين، لكن التوقعات تشير بتغير المشهد في الأعوام المقبلة خاصة مع تراجع التمثيل البرلماني للمرأة في البرلمان.
المظاهرة التي دفعت أردنيين لمناقشة مصطلح “الأبوية”
المسكوت عنه في الكويت بخصوص “قتل نساء العائلة”
تراجع تمثيل المرأة في البرلمان الأردني
سجلت الانتخابات البرلمانية في الأردن في نوفمبر/تشرين الثاني لهذا العام تراجعاً في نسب مشاركة المرأة في البرلمان.
فقد وصلت نسبة تمثيل النساء إلى 11.5% في مجلس النواب التاسع عشر. بعد أن سجلت 15 سيدة فوزها في الانتخابات حسب نظام الكوتا، أو نظام المحاصصة -الذي يخصص نسبة معينة من مقاعد البرلمان للنساء-، من أصل 360 مرشحة، ما يعني فشل نجاح أي مرشحة في الوصول إلى البرلمان عن طريق مقعد تنافسي.
تساؤلات عدة طرحت حول أسباب هذا التراجع، فقد تكون الظروف غير الاعتيادية التي مر بها الأردن تزامناً مع الانتخابات البرلمانية أثرت على نتيجة الانتخابات؛ أبرزها عزوف قرابة 70% من المواطنين عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، كما تراجعت نسبة تصويت النساء مقارنة مع الرجال حيث وصلت إلى 25.2%، وهو ما عزاه خبراء إلى الأزمة التي تسبب بها تفشي وباء كورونا وصاحب ذلك ارتفاعا غير مسبوق في أعداد الإصابة بالفيروس، ما أثر على نسب المشاركة.
“شيء أقوى من القانون” يتسبب في التغاضي عن قتل نساء العائلة
خيارات النساء المعنفات في العراق للنجاة “محدودة”
وألقى ناشطون ومراقبون اللوم على قانون احتساب الناجحين من القوائم، والذي يسمح للقائمة بالفوز بمقعد نيابي وحيد بغض النظر عن حجم الأصوات الذي حصدته مقارنة مع القوائم الأخرى، وهو ما يلقى معارضة واسعة ومطالبات بالتعديل.
انتهى عام 2020 فعلاً، لكن التبعات التي تركها على المرأة الأردنية على الصعيدين الاجتماعي والسياسي لا زالت مستمرة، فالأعين الآن تترقب لتعرف ما إذا كانت مساعي التغيير المأمولة نحو الأفضل ستنجح خلال العام القادم أم لا.
هذا الخبر 2020 لم تكن سنة مثالية بالنسبة للمرأة الأردنية ظهر أولاً في Cedar News.